جريدة الوطن - 25/1/2014
من القوانين الأساسية المرتقب إصدارها خلال الأيام القليلة المقبلة، قانون الانتخابات البرلمانية، وتحديد نظام الانتخابات فى ظل الدستور الجديد.
ويبدو أن الاتجاه فى مؤسسة الرئاسة فيما يخص الانتخابات التشريعية، يميل إلى المزج بين الانتخاب الفردى المباشر، والانتخاب بالقائمة. وهناك اتجاه عام -فى حدود ما هو متاح لى من معلومات- بأن المقاعد البرلمانية بنظام الانتخاب الفردى سيكون لها الثلثان، فى حين سيخصص ثلث المقاعد للانتخاب بنظام القائمة. وهو قرار صائب فى رأيى فى ظل المرحلة الحالية.
أما فيما يخص الانتخاب بالقائمة (ثلث المقاعد البرلمانية)، فيبدو أن الأمر لن يخرج عن احتمالين، الأول، الانتخاب بالقائمة الموحدة على مستوى كل محافظة، والاحتمال الثانى، أن يتم الانتخاب بالقائمة على مستوى الجمهورية، فيكون لكل حزب أو ائتلاف سياسى قائمة موحدة تتنافس على مستوى جميع محافظات مصر.
ومن الناحية السياسية، ربما يكون هذا الخيار الأخير هو الأفضل بشأن الانتخابات البرلمانية الأولى التى ستعقد بعد الانتخابات الرئاسية لعدد من الأسباب، منها:
1- أن تشكيل القائمة الوطنية الموحدة سيتيح الفرصة لأفضل العناصر الممكنة من تخصصات مختلفة للدخول إلى البرلمان. وهو من الممكن -لو أُحْسِنُ الاختيار- أن يؤدى إلى نقلة نوعية أفضل بشأن الكفاءات التى ستنضم إلى عضوية البرلمان.
2- يتيح ذلك النظام المزج بين مفهوم «نائب الخدمات» من خلال الانتخابات الفردية، و«نائب المجتمع بشكل عام»، وهو مزج له آثاره الإيجابية.
3- أن القائمة الوطنية الموحدة قد تسهم فى الحد من فرص التيارات المتشددة والتكفيرية، حيث تقل فرص الأخيرة على المستوى القومى ككل.
4- يتيح نظام القائمة الوطنية الموحدة كذلك فرصة حقيقية لتمثيل جميع فئات المجتمع من مرأة وشباب وأقباط.
5- سيتيح هذا النظام كذلك الحد من سطوة رؤساء الأحزاب فى اختيار المرشحين، وسيتيح هذا النظام كذلك فرصاً كبيرة للعديد من الشخصيات العامة المستقلة فى الترشح للانتخابات البرلمانية. ولا شك أن هناك اتجاهاً عاماً الآن فى مصر لدى الجمهور نحو دعم المستقلين على حساب الأحزاب السياسية، التى عليها أن تعمل بجدية للحصول على ثقة المصريين. ولا شك كذلك أن اختيار رئيس الجمهورية المنتخب سيكون له تأثير على تشكيل القائمة الموحدة صاحبة الدعم الشعبى الأكبر.
ولا يخلو نظام القائمة الوطنية الموحدة من الصعوبات والمخاطر. فأما عن صعوباته، فإنه سيتعلق بخيار مهم ألا وهو هل سيتم الانتخاب على أساس الأغلبية المطلقة أم على أساس الأغلبية النسبية؟
فنظام الأغلبية المطلقة (50 + 1) شأنه فى ذلك شأن النظام الفردى، لا يتسم بالعدالة المطلقة؛ إذ يؤدى إلى إهدار 49% من الأصوات، ولكن من الممكن الحد من الآثار السلبية فى رأيى لهذه المسألة بإمكانية الدمج بين النظامين بمعنى أن يؤخذ بالنظام الآتى:
- القائمة التى تحصل على أغلبية الثلثين تنجح بالكامل، وفى ذلك ترجيح لنظام الأغلبية دون التمثيل النسبى شريطة أن تكون الأغلبية كاسحة.
- فى غير الحالة السابقة تكون العبرة بالتمثيل النسبى.
ويشترط للتوزيع النسبى أن تحصل القائمة على 5% أو أكثر من الأصوات على مستوى الجمهورية. وتؤول الأصوات الأقل إلى القائمة الحاصلة على أعلى الأصوات.
وللنظام الانتخابى بالقائمة الموحدة مخاطره وعيوبه كذلك؛ فالانتخاب بنظام القائمة الموحدة على أساس التمثيل النسبى سيزيد من الخلافات بشأن ترتيب المرشحين داخل القائمة، وهو ما قد يجعل من الاتفاق على قائمة موحدة مهمة شبه مستحيلة ما لم يؤخذ بنظام نجاح القائمة بالأغلبية المطلقة، ففى هذه الحالة وحدها لن يكون الترتيب داخل القائمة ذا أهمية.
ومن مخاطر القائمة الموحدة على مستوى الجمهورية عدم التمثيل الملائم لجميع محافظات مصر، وهو ما يجب مراعاته، ويمكن أن يشترط القانون ألا يقل تمثيل كل محافظة عن مرشحين على الأقل، وألا يزيد عدد المرشحين عن المحافظة الواحدة على 15% من إجمالى عدد المرشحين.
وحال اعتماد نظام القائمة الوطنية الموحدة، فإن على المشرع تحديد نسب محددة للتمثيل المناسب للمرأة والأقباط والشباب والعمال والفلاحين وذوى الإعاقة، وذلك كله إعمالاً للالتزام بالدستور المعدل وفقاً للمواد 11 و243 و244 منه، التى تستوجب التمثيل الملائم لهذه الفئات. ولا شك أن نجاح القائمة الوطنية الموحدة مرهون فى النهاية بأداء القوى السياسية وقيادات الأحزاب، فإن ظلت على تفككها وأنانيتها فستحكم على نفسها بالنهاية الحزينة، وإن توحدت وعدّلت من حالها فستكون هذه البداية الحقة لبناء ديمقراطى متين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق