الخميس، 3 يونيو 2010

زلزال البورصة وتوابعه


مجلة المصور - 2/6/2010


·       الصدمات والانخفاضات التي تصيب البورصة المصرية وان كانت مرتبطة ومتأثرة بما يحدث حولنا فهي تفوق في أضرارها وفي اثارها ما يجب أن يكون بل وتفوق الانخفاض ما يصيب بورصات الدول الأخر الأخرى الأكثر اتصالا بالأزمة بل ويصدرها، فكيف يكون تأثير الزلزال أشد وأكثر قوة على المناطق التي تبعد عن مصدر الزلزال ومكان وقوعة ؟!
·       الشركات ومعظمها مقيد من خلال شهادات الايداع الدولية ببورصة لندن اذا ما اصاب احداها مشكلة او انخفاض ترتب عليه انخفاض فى اداء البورصة ككل والعكس صحيح فيجر معه مؤشر البروصة كله لانخفاض لثقله النسبى فى مؤشر البورصة.
·       هناك اسهم لشركات لا يليق ولا يصح ان تكون مقيدة بالبورصة المصرية فلا اداء هذة الشركات الاقتصادى ولا عدد المساهمين بها ولا حجم تداولها ولا مستوى الافصاح بها يؤهلها لاستمرارها بالقيد فى البورصة.
شهدت البورصة المصرية خلال شهر مايو هذا العام أكبر انخفاض لها منذ أكثر من عامين، ويعد هذا الانخفاض بمثابة الضربة القاضية التي تلقاها العديد من المستثمرين بعد الضربات المتتالية التي أصابتهم على مدار العام الماضي. وقد أدى هذا الهبوط الحاد في أسعار الأسهم الي الحاق الخسائر بالكثير من المستثمرين الأفراد وبخاصة البسطاء منهم وهو ما جعل الكثيرين منهم يملأون الدنيا صراخا على ما أصابهم من خسائر ابتلعت معها تحويشة العمر، وضاع معها الكثير من الأحلام المشروعة بتكوين ثروة تعين على أعباء الحياة. وتمني البعض أن يسترد ولو ربع ما استثمره في البورصة لي\اخذ ما تبقى ويذهب بعيدا عن البورصة بلا رجعة.
وصاحب أداء البورصة، والانخفاض في رأسمالها السوقي بالمليارات، مظاهرات صاخبة من قبل ضحايا البورصة المصرية، وشهدنا لاول مرة اعتصامات أمام مبني مجلس الشعب لينضم المستثمرون بالبورصة لاصحاب المظالم، والعاملين المتضررين، وذوي الاحتياجات الخاصة !! كما شهدنا على البرامج الفضائية صراخا وغضبا جما، نال رئيس البورصة المصرية منه الجانب الاكبر، وطالب المستثمرون الغاضبون باقصاء رئيس البورصة من منصبه محملينه وحده المسئولية عن ما أصاب البورصة من انخفاضات ولحق بهم من خسائر والي جانب هؤلاء الغاضبين، أصحاب الاكتئاب جانب اخر منهم فانزووا مبتعدين.

والسؤال المطروح الان، ماذا يحدث في البورصة المصرية، وما هي اسبابه، وهل يمكن الخروج من هذه الازمة، وكيف يتحقق ذلك، وما هي السبابه، هل يمكن الخروج من هذه الازمة، وكيف يتحقق ذلك، وما هي التوصيات التي يمكن ان تخرج بها المستثمر المصري؟

وابدا الاجابة عن هذه التساؤالات, فأوكد أن ما شهدته البورصة المصرية من أزمات خلال شهر مايو لم يكن بمعزل عما يدور حولنا في العالم فالاسابيع الماضية شهدت انهيارات وانخفاضات في كافة بورصات العالم فالزلزال بدأ بالولايات المتحدة، وانتشرت تباعته في العالم أجمع مرورا بأوروبا وآسيا وانتهاء بالدول العربية وبخاصة ذات الاسواق النشطة مثل مصر والسعودية والامارات.
 فالبورصات في العالم اجمع تلقت ضربات موجة متتالية بدأت بالازمة الملية العالمية، وما كاد العالم اجمع يلتقط انفاسه في بداية هذا العالم، الا وعاجلته ضربة جديدة قاسية تمثلت في انهيار الاقتصاد اليوناني، و تفاقم الدين، الحكومية علي نحو غير مسبوق  بحيث تجوز حجم الدين 115 في المئة من ناتج الدخل القومي في نهاية 2009 وما أن ظهرت هذه الازمة التي هددت استقرار البنوك الاوربية، و ضربت عمله الاتحاد الأوربي (اليورو) في مقتل، الا و ظهرت المؤشرات الاخيرة لتبين أن دولا اوربية مهمة أخري ليست بعيدة عن ازمة مماثلة لما حدث في اليونان. وتشمل التكنهات اسبانيا واطليا، بل والمملكة المتحدة. وكان لذلك كله انعكاس سلبي علي اداء البورصات في العلم واضطراب في نمو الاستثمارات و في توقعات الخروج من الازمة العلمية، و شمل دولا كانت تعد بعيدة عن مناطق الخطر، فحتي الصين من المتوقع أن يقل نموها بمعدلات غير مسبوقة حيث يعتمد الاقتصاد الصيني بشكل كبير في نموه علي الصادرات وبخاصة لدول الاتحاد الاوروبي التي اصبحت منهكة اقتصاديا.

فالوضع الاقتصادي العالمي الصعب والمتشابك دفع بالكثير من مؤسسات الاستثمار في الدول النامية الي الانزعاج، وحصول بيوع عشوائية.

ولم يكن من الممكن عزل البورصة المصرية عن هذه الأزمة العالمية، وهو ما انعكس على أداء البورصة المصرية، وترتب عليه انخفاض حاد ومتتال في أسعار التداول.

وبالرغم من دقة التحليل في رأيي الا أن هناك حقيقة مرة يجب ألا تغيب عنا، وهي أن الصدمات والانخفاضات التي تصيب البورصة المصرية وان كانت مرتبطة ومتأثرة بما يحدث حولنا فهي تفوق في أضرارها وفي اثارها ما يجب أن يكون بل وتفوق الانخفاض ما يصيب بورصات الدول الأخر الأخرى الأكثر اتصالا بالأزمة بل ويصدرها، فكيف يكون تأثير الزلزال أشد وأكثر قوة على المناطق التي تبعد عن مصدر الزلزال ومكان وقوعة ؟!

وفي رأيى أن هناك أسبابا هيكلية تخص البورصة المصرية تجعل اثار الازمات العالمية أشد قوة عليها من غيرها من البورصات، وتعرض البورصة المصرية لمزيد من التذبذبات والانخفاضات الحادة دون مبرر معقول. ويمكن اجمال أهم هذه الأسباب فيما يأتي:
فمن ناحية أولى،لا تزال تعاملات الأفراد في البورصة المصرية هي المسيطره على حجم التعامل. فنسبة الأستثمار المباشر للأفراد في البورصة المصرية يتجاوز 65 في المائة من اجمالي حجم التعامل.

فمعظم تعاملات الأفراد تتم بشكل مباشر من قبلهم دون الرجوع الي مؤسسات أو مستشاريين ماليين، دون استخدام لشركات ادارات محافظ الاستثمار أو صناديق الاستثمار المتخصصة وان وجدت استشارات فهي من غير المتخصصين ومعنى ذلك ببساطة ان عمليات البيع والشراء في البورصة المصرية يغلب عليها الطابع العشوائي، فغالبية قررات المستثمرين مدفوعة بجشع وانعدام حرفية بعض العاملين في السوق مبنية على الاقوال المرسلة، والشائعات، والانطباعات العامة والتوقعات الساذجة. فيقع الكثير عرضة للتضليل والتلاعب.

ففي ظل هذاالمناخ، يترتب على أية أومة صغيرة كانت أو كبيرة مبررة اقتصاديا أو سياسيا أو غير مبررة نشوء حركة بيعية، وتوتر كبير بين المتعاملين يدفعهم الي بيع العشوائي، ومن ثم انخفاض الأسعار طبقا لقوانين العرض والطلب.

ومن ناحية ثانية، فان البورصة المصرية تعاني من ظاهرة التركيز فالبرغم من أعداد الشركات المقيدة والمتداولة بالبورصة يتجاوز (300) شركة، الا أن هناك عددا لا يزيد عن (10) شركات يسيطر على أكثر عرضة من غيرها لأزمات الحادة؟ تفسير ذلك أن المشكلة تكمن في أن هذه الشركات ومعظمها مقيد من خلال شهادات الايداع الدولية ببورصة لندن، اذا ما أصاب احدها مشكلة أو انخفاض ترتب عليه انخفاضا في أداء البورصة ككل -  والعكس صحيح – فيجر معه مؤشر البورصة كله لانخفاض لثقله النسبي في مؤشر البورصة فأي تأثير سلبي أو ايجابي على عدد من الشركات لا يتجاوز (5) شركات في البورصة المصرية يترتب عليه دفع أو خفض مؤشر البورصة بالكامل بما فيه أكثر من (300) شركة مقيدة.

ومن ناحية ثالثة، فان البورصة المصرية تعاني من الانخفاض النسبي لحجم التداول وعدد الأسهم المتداولة فالسوق المصرية بالرغم من نموها المضطرد لا تزال سوقا لا يتم بالتنوع والعمق فمتوسط حجم التداول لا يزال أقل من 800 مليون جنيه يوميا، وهو رقم غير كاف ليجنبه التذبذب والانخفاض الحاد غير المبرر فلو افترضنا في ظل هذه الأومة ان هناك صندوقا للاستثمار الأجنبي قد قرر لمواجهة الازمة العالمية تصفية جزء من استثماراته في مصر وتسيليها  وليكن ذلك بواقع30 أو 40 مليون دولار، فما لا شك فيه أن بيع محفظة بهذا المبلغ على ضألتها النسبية سيؤدي الي انهيار الأسعار في بورصة لا يتجاوز حجم التداول اليومي فيها 150 مليون دولار أمريكي.

ومن ناحية رابعة، علينا أن نعترف بأن هناك أسهما لشركات لا يليق ولا يصح أن تكون مقيدة بالبورصة المصرية فلا اداء هذة الشركات الاقتصادي ولا عدد المساهمين بها ولا حجم تداولها ولا مستوى الافصاح بها يؤهلها لاستمرارها بالقيد فى البورصة فهذه الاسهم (وقد سبق ان اطلقت عليها اصطلاح اسهم الميكى ماوس) يتيح للمقامرين والمتلاعبين الاضرار بمصالح المستثمرين من الافراد غير المتمرسين على الاستثمار فى البورصة وتزيد من حدة الخسائر والانخفاضات واوقات الزمات.

وليس كلها هذه هى بعض المشكلات الخاصة بالبورصة المصريةوالتى تزيد من الامها وتعمق من حدة خسائرها وانخفاض على نحو مبالغ فيه وتتجاوز الحدود التى كان يجب ان تقتصر عليها الازمة المالية وادعو الهيئة الرقابية وادارة البورصة الى دراسة هذه الاسباب ووضع الحلول لها وهناك استراتيجية بالفعل قائمة يجب تفعيلها لمواجهة هذة المشكلات. ودعونى اكون صريحا فان صب كل هذا الغضب على ماجد شوقى رئيس البورصة المصرية فى غير محله وغير عادل فرئيس البورصة وانا اعرفه شخصيا واعرف قدراته رجل مسئول وكفء ولا يجب ان نحمله مسئولية الازمة الماليه وما يحدث فى البورصة الان فالمطالبة باقالة رئيس البورصة امر غير عقلانى ولن يحل المشكلة وليس له ما يبرره موضوعيا. ولكن كنا ذكرت فاننا يجب ان نواجه الخلل الهيكلى فى البورصة المصرية علىالنحو الذى ذكرته عالية وهذا واجب الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة وخلفهما وزارة الاستثمار وكافة الجهات العامة فى السوق المال المصرى. فنحن شئنا ام ابينا سوق ناشئ يسيطر على تعاملاته العشوائية ومن ثم وجب علينا وضع حلول غير تقليدية ووجب مناقشة هؤلاء المستثمرين الغاضبين وعدم تجاهلهم ووجب العمل المنظم على التوعية المستمرة.

سوق الاوامر وهناك امور لا يجوز الاستمرار فيها فيجب ازالة التشوهات فى سوق المال المصرية التى تفتح الباب للمضاربات العشوائية والتلاعب بالاسعار فعلى سبيل المثال سوق الاوامر يجب ان يختفى وكفانا سياسات الترقيع ويجب شطب كافة الاوراق المالية التى لا تستوفى شروط القيد مع مسائلة المخطئين والحفاظ على حقوق المثتسمرين حسنى النية ويجب العمل المستمر على تشجيع الافراد وخلق الاليات الملائمة للاستثمار من خلال صناديق الاستثمار والمؤسسات المتخصصة ويجب الحد من ظاهرة  التركز. وكل ذلك من خلال سيايات واضحة وممكنة بعيدا عن سياسة الصدمات فهى امر غير مقبول فى السوق المالواضرارها وخيمة. وعلينا ان نعترف بشجاعة بان معالجة بعض التشوهات فى سوق المال لم يكن موفقا. فتجميد التعامل على عدد من الاسهم لمدة تتجاوز ستة اشهر امر غير مقبول. فانا على يقين من ان ادارة البورصة كان لديها مبررات موضوعية وقوية يهدف لحماية المتعاملين لاتخاذ مثل هذا القرار ولكن استمرار التجميد لمدة طويلة وتجميد الاموال المستثمرة والاوراق المالية لما يزيد على ستة اشهر دون اعلان عن نتائج التحقيقات ودون احالة للمخالفين مسالة تخلق قدرا من عدم الثقة ولا يجوز استمرار هذا الوضع الى مالا نهاية. وبالرغم من رايي هذا فاننى اوكد ان هذا القرار بالتجميد ليس مسئولا من قريب او بعيد عن الانخفاض الذى اصاب البورصة.

المستثمر البسيط والسؤال المتبقى بعد كل ما ناقشناه ماذا يفعل المستثمر البسيط واين يضع امواله او ما تبقى منها ؟..


وله نتوجه ببعض النصائح:

·        ان التنويع فى الاستثمار مسالة ضرورية فلا تجوز المخاطرة بوضع كافة ما لديك فى البورصة فالاستثمار بالبورصة له منافعة ولكن له ايضا مخاطرة ولذلك لا تخاطر بكل اموالك فضع جزءا فى البنك مهما قل قدره وجزءا للاستثمار فى البورصة وجزءا اخر فى السندات والاذون الحكومية.
·        الاستثمار من خلال صناديق الاستثمار وكذالك صناديق الادوات النقدية (كالاستثمار فى السندات الحكومية) اكثر امنا واقل مخاطرة للمستثمرين غير المتخصصين وان كان لا يعنى البعد تماما عن المخاطر.
·        ابتعد عن المضاربة غير المدروسة فالبيع و الشراء فى ذات الجلسة على سبيال المثال من انشطة المضاربة عالية المخاطر فلا يجوز لغير المحترفين اتباعها.
·        تجنب الاقتراض والشراء على المكشوف فلا تقترض من اجل الاستثمار فى البورصة ففى وقت الازمات ستضطر البيع بخسائر وفى اوقات غير مناسبة لوقف نزيف الخسائر فستكون المحصلة مزيدا من الخسائر.
·        يجب تجنب التعامل على الاسهم المغمورة والتى لا يستفيد من التعامل عليها الا المضاربون وسيئو النية فعليك الابتعاد عن الشراء والبيع العشوائى الذى يعتمد على الاقوال المرسلة ونصائح غير المتخصصين. فعليك ان تحمى نفسك من نفسك قبل ان تطلب الحماية من الرقيب.
·        لا تضع كل استثماراتك فى ورقة مالية واحدة فعليك ان تتبع الحكمة الشعبية القائلة (بالا تضع كل البيض فى سلة واحدة).
·        يجب كذلك التنويع فى الاستثمار فى القطاعات مختلفة فلا تستثمر فى قطاع اقتصادى واحد فينصح على سبيل المثال بالاستثمار فى قطاعات متعددة كالقطاع العقارى والاتصالات والصناعى دون ان تقتصر على قطاع بعينه.
·        فى اوقات الازمات لا تنجرف وراء تيارات البيع خاصة اذا كانت هذه الازمات فى طبيعتها مؤقتة او عارضة.