الخميس، 30 أبريل 2015

أسئلة للحكومة المصرية

جريدة الاخبار - 30/4/2015

هل فعلاً هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة جاهزة لمشاركة المطورين العقاريين من القطاع الخاص؟

1- هل ستطبق الحكومة «ضريبة القيمة المضافة»؟


من يسافرون كثيراً إلي أوربا يدركون مفهوم ضريبة القيمة المضافة «Value added tax»، وهي شبيهة بمفهوم ضريبة المبيعات. ولكن ضريبة القيمة المضافة أكثر شمولاً؛ فهي تنطبق علي كل السلع والمنتجات والخدمات تقريباً. وتضاف إلي سعر الفاتورة وتتراوح نسبتها بين 12% و15%.

وتتجه الحكومة المصرية إلي تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتتوقع الحكومة أن تدر هذه الضريبة حوالي 35 مليار جنيه لإيرادات الخزانة العامة. وأشك كثيراً في صحة هذا الرقم، وأعتقد أن العائد لن يزيد عن 7 مليارات جنيه علي أكثر تقدير، وسيتسبب في رفع التضخم إلي أقصي مدي في ذات عام تطبيقه. وهناك إشاعات أن الحكومة تسعي إلي البدء في تطبيق هذه الضريبة ببداية العام المالي الجديد، أي اعتباراً من شهر يوليو القادم. والمشكلة الرئيسية في ضريبة القيمة المضافة أنها تعني ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، وتؤدي إلي زيادة التضخم.فهل استعدت وزارة المالية ومصلحة الضرائب مؤسسياً لتطبيق الضريبة وتحصيلها بكفاءة لتجنب ارتباك السوق والاستثمار؟

أنا مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة ولكن بثلاثة شروط؛أولها: الاستعداد المؤسسي والفني الجيد، ولست مطمئناً لاستعداد مصلحة الضرائب، ولا أعتقد أن لديها حالياً الكفاءات والبنية الأساسية اللازمة لتطبيق هذه الضريبة بشكل كفء ودون إرباك للاستثمار وللمستهلكين. والشرط الثاني: هو اختيار التوقيت المناسب اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، ولا أعتقد شخصياً أن هذا العام وهذا الصيف الساخن هو التوقيت الأمثل لرفع الأسعار وزيادة التضخم في وقت تشهد فيه مصر انكماشاً اقتصادياً، وبطالة مرتفعة، وقدرا من الإحباط، ومحاولة تصيد الأخطاء. والشرط الثالث: تهيئة الرأي العام والمُنتجين والمصنّعين ومقدمي الخدمة بكافة الأبعاد الفنية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية لهذه الضريبة، حتي يكونوا جزءا من صُنع القرار. ولا أعتقد أن أيّاً من الشروط الثلاثة متحقق، ولذا وجب مزيد من الدراسة ومزيد من الاستقرار، ولتكن البداية هي العام المالي 2016-2017. أرجو من وزير المالية عدم الاندفاع بل الاستماع إلي صوت العقل. التأني في إصدار قرارات مدروسة أفضل عشرات المرات من التعجل في إصدار قرارات غير مدروسة، ولعل نعتبر بضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة.

2-  متي سيتم إجراء الانتخابات البرلمانية؟

لا أعلم حقاً إذا كانت الحكومة لديها إجابة علي هذا السؤال، وإذا كانت تملك من أمرها شيئاً فيه. ولكن إدارة الأمور السياسية بنظام اليوم بيومه أمر جَدّ خطير، ويؤدي إلي حالة من الرخاوة والسيولة المؤسسية لها خطورتها البالغة علي استقرار الدولة. ليس من المقبول ألا يكون هناك موعد محدد للانتخابات البرلمانية، ليس من المقبول أن نعيش بمنطق الحرب خدعة، ليس من المعقول أن نخفق لهذا الحد في تحديد جداول محددة، ليس من المقبول أن يكون المشهد السياسي بهذه العبثية، ليس من المعقول أن ترسانة الدولة من مؤسسات قضائية وقانونية عاجزة عن إصدار قانون انتخابات لا يتعارض مع الدستور. حالة الانتخاب واللاانتخاب؛ السياسة واللاسياسة؛ تضعف من مصداقية مؤسساتنا السياسية. أعود وأكرر وجود برلمان متعب ومزعج أفضل كثيراً مما نحن فيه... يجب أن نتقدم إلي الأمام، ونستكمل المؤسسات الدستورية. إن هذه الخطوة لازمة لاستكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادي.

3- هل هدف السياسة النقدية ينتهي عند محاربة السوق السوداء؟

الإجراءات الأخيرة الخاصة بمواجهة السوق السوداء للدولار الأمريكي نجحت بلا شك في الحد من هذه السوق علي المدي القصير. ولكن كانت هناك أيضاً تداعيات أخري أثرت بشكل سلبي علي نمو الاقتصاد الكلي، وأدت إلي انكماش التجارة الخارجية والداخلية علي حد سواء، وأدت إلي التعثر المالي للعديد من المصانع، فهذه المؤسسات كانت تلجأ مضطرة للسوق السوداء لعدم تلبية احتياجاتها المشروعة من البنوك، أما الآن فتوقف كثير من الأنشطة لعدم قدرتها علي تلبية احتياجاتها من العملة الأجنبية، لا في السوق السوداء ولا في السوق البيضاء!! فالمحصلة: انكماش اقتصادي جديد وانخفاض محتمل في النمو. لابد من بدائل تمويلية، ولابد من تحسين مناخ الاستثمار. المنع ليس هو الحل. السوق السوداء ما زالت مستمرة من خلال تحويلات وترتيبات في الخارج، واسألوا عن تغير العملة المصرية في دبي.

4- لماذا ألغت الحكومة المناطق الحرة الخاصة؟

فجأة وبدون أية مقدمات، وبدون أي مناقشات مع أصحاب الشأن؛ ألغت الحكومة بمقتضي قانون الاستثمار المناطق الحرة الخاصة، وهي استثمارات تجاوزت ثلاثين مليار جنيه علي الأقل. وحصيلة رسومها لا تقل عن حصيلة الضرائب التي تسددها المصانع المثيلة بنظام الاستثمار الداخلي، ويتعرض أصحاب هذه المصانع الآن لتحرش غير مسبوق من الجمارك، ومن وزارة التجارة والصناعة، رغم أن تراخيصها لا تزال سارية. إن وزارة المالية كانت الضاغط الأساسي لإلغاء هذه المناطق، وللأسف رضخت وزارة الاستثمار لهذه الضغوط دون دراسة وافية بدعوي أن بعض المناطق الخاصة تلجأ إلي ممارسات ضارة، والحقيقة أن التهرب الجمركي ليس في هذه المناطق، فهي جميعها تحتوي علي استثمارات أجنبية ومصرية، وتخضع لرقابة محكمة... ارحمونا إذا كانت هناك بعض المخالفات فلا يعني هذا القضاء علي صناعات واستثمارات بالمليارات وتشريد عمال بالآلاف في غمضة عين...

5- هل فعلاً هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة جاهزة لمشاركة المطورين العقاريين من القطاع الخاص؟

انهالت علينا الأخبار بأن هيئة المجتمعات العمرانية في سبيلها إلي مشاركة المطورين العقاريين وبناء مشروعات مشتركة معهم من خلال تحصيل مقابل الأراضي في صورة نسبة من الإيراد أو من خلال الحصول علي وحدات بعد بنائها. والدافع المعلن لذلك هو السماح للمطورين العقاريين بالبناء دون تحصيل مبالغ نقدية عالية منهم في البداية مما يسمح لهم بسرعة إنجاذ المشروعات.. عفواً يا سادة... أجهزة الدولة الإدارية غير مهيأة للمشاركة في مشروعات تجارية... وأقسم بالله أن هذه المشاركة لو حدثت سيُتَّهم الجميع بلا استثناء بجريمة تسهيل الاستيلاء علي المال العام في ظل القوانين واللوائح ونظم المحاسبة الحكومية القائمة.. لن يتحقق تطوير في نظم التنمية العقارية دون إعادة النظر في نظم التمويل العقاري. والسماح بالتمويل العقاري للمطورين والمستهلكين قبل الانتهاء من عملية البناء، أما في ظل القواعد الحالية والتي لا تسمح بالتمويل العقاري إلا بعد انتهاء المشروع بالكامل!! 

فإن النتيجة هي عدم التزام أحد بالقواعد؛ولا تزال الحكومة مثل النعامة تدفن رأسها في الرمال!! اللينك


استمع الي المقال عبر منصة اقرأ لي.. اللينك 

الأربعاء، 22 أبريل 2015

تحديات الاستثمار والنمو الاقتصادي في مصر بعيون الآخرين (2)



جريدة الاخبار- 2015/4/23

فيجب الإسراع بإعادة تأهيل مراكز التدريب المتعددة، ووضع استراتيجية واضحة للحكومة تشارك فيها وزارة التعليم، والتعليم الفني، والقوي العاملة، والتجارة والصناعة، والإسكان

يا سادة لا يمكن النهوض بالدولة، ولا التقدم إلي الأمام دون تطوير العنصر البشري والاستثمار فيه.
طبقاً لتقرير "مخاطر التشغيل" الصادر عن إحدي المؤسسات العالمية المتخصصة، والذي أشرنا إليه في المقال السابق، تواجه مصر ثمانية تحديات رئيسية لتحقيق النمو الاقتصادي.
ولعل أول هذه التحديات وأهمها هو هجرة العقول من مصر، والنزيف المستمر للقدرات الفنية وتسربها إلي الخارج جيلا بعد جيل.

فصارت الأجهزة الحكومية والمؤسسات الاقتصادية العامة تعاني من فقر حقيقي في الكفاءات، وأصبح من السائد أن تسمع أحد كبار المسئولين يقول "ماعنديش حد كويس"... "مش لاقي كفاءات". والحقيقة أنه رغم هجرة العقول إلي الخارج، أو حتي من المؤسسات الحكومية إلي المؤسسات الخاصة في الداخل؛ فلا تزال   هناك فرصة وقدرة علي جذب الكفاءات مرة أخري إلي المؤسسات الحكومية. ولكن يجب أن نشير كذلك إلي أن سوق العمل الفني صار يعاني من ندرة الكفاءات الفنية والعمالة المهرة.

وهناك خطوات يجب الإسراع بها لمواجهة هذا التحدي. فبالنسبة للتعليم الفني - وقد أصبح عندنا وزارة متخصصة في التعليم الفني والتدريب - فيجب الإسراع بإعادة تأهيل مراكز التدريب المتعددة، ووضع استراتيجية واضحة للحكومة تشارك فيها وزارة التعليم، والتعليم الفني، والقوي العاملة، والتجارة والصناعة، والإسكان، والتعاون الدولي. فكل وزارة من هذه الوزارات – باستثناء التعاون الدولي - لديها العشرات من مراكز التدريب والمعاهد، ولكنها كلها لا يربطها رابط واحد ولا استراتيجية واضحة. ويجب أن يكون هناك تنسيق كامل بين هذه الوزارات فيما بينها، ومع اتحاد الصناعات والغرفة التجارية. يجب أن تكون هذه المراكز والمعاهد مراكز حقيقية مؤهلة لإعداد أفضل الكوادر الفنية في المجالات المختلفة ولكافة القطاعات الصناعية والزراعية، ويجب أن تكون جميعها مراكز معتمدة ووثيقة الصلة بالمؤسسات التدريبية العالمية، ويجب أن يكون لها استراتيجيات وأهداف محدودة تربطها بالسياسات الاقتصادية للدولة، وباحتياجات سوق العمل. وأذكر مرة أخري، أن نجاح القطاع المصرفي وقطاع الاتصالات في مصر كان أحد مقوماته وجود مراكز تدريب متخصصة عالية الكفاءة.

ومن الخطوات الأخري الواجب التعامل معها لمواجهة ظاهرة تسرب الكفاءات الفنية - خاصة في المؤسسات الاقتصادية مثل الشركات العامة، والهيئات الرقابية الفنية - هو ضرورة إصلاحها مؤسسياً وتطوير أدائها. ولابد من إعادة النظر في كيفية تطبيق الحد الأقصي للأجور، وربط الأجور بالإنتاج وتحقيق أرباح للمشروعات الاقتصادية. يا سادة لا يمكن النهوض بالدولة، ولا التقدم إلي الأمام دون تطوير العنصر البشري والاستثمار فيه.

إن سوق العمل المصري من حيث كفاءة العاملين وتوافر الكوادر الفنية لاحتياجات السوق يأتي في المرتبة الـ(16) في الشرق الأوسط، وهي مرتبة متدنية، فتسبقنا إسرائيل وإيران والأردن وتونس ولبنان، بل والجزائر والعراق وسلطنة عمان. ولا يأتي بعدنا - طبقاً للتقرير- سوي اليمن والمغرب!! والسبب الرئيسي لهذا الموقع المتردي والذي نعيش واقعه هو سوء حالة التعليم الأساسي والفني والجامعي.
ومن التحديات - التي رصدها التقرير- والتي تواجه مناخ الاستثمار في مصر، وتعيق نمو التجارة الداخلية؛ هو سوء حالة شبكة الطرق، وتردي حالة شبكة السكة الحديد، وعدم تطوير آليات النقل النهري.

فعلي الرغم من تميز مصر وقدرتها علي تنمية الصادرات والمساهمة في نمو التجارة العالمية من خلال قناة السويس والموانئ البحرية المتعددة، إلا أن التجارة الداخلية ونقل البضائع والخدمات اللوجيستية والنقل الداخلي يعاني من سوء الحال ويساهم بشكل فاعل في إضعاف قدرات مصر التجارية والاقتصادية.

التوجه نحو مشاركة القطاع الخاص لتطوير بدائل للطرق البرية أمر في غاية الأهمية. مصر كانت الدولة الأولي في أفريقيا ومن الدول العشر الأولي علي مستوي العالم التي أنشأت شبكة للسكك الحديدية، وللأسف عفي عليها الزمان وأكلها الدهر حتي صارت شبكة السكك الحديدية في مصر واحدة من أسوأ (3) شبكات للسكك الحديد في الشرق الأوسط!! وصارت حوادث السكك الحديد في مصر من أعلي النسب في العالم

الاستثمار في هذا القطاع صار أمرا حتميا، وفي ظل العجز في الموازنة والقصور في الموارد، فإنه لابد من فتح الطريق للاستثمار الخاص في السكك الحديدية، وللربط بين المحافظات المختلفة واستخدامه بشكل مكثف في نقل البضائع. نفس الشيء ينطبق علي النقل النهري... بصراحة مش قادر أفهم إحنا مستنيين إيه؟ وللحديث بقية... اللينك
استمع الي مقالي فى الاخبار عبر اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكماللينك 


الخميس، 16 أبريل 2015

تحديات الاستثمار والنمو الاقتصادي في مصر بعيون الآخرين (1)


جريدة الاخبار - 16/4/2015

نحن قادرون علي تحويل أحلامنا إلي واقع إذا التزمنا بمنهج إصلاحي مدروس، وقادرون علي النجاح بأسرع مما نتصور. 

خلّف المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ أجواءً إيجابية إلي أبعد مدي، ووضع مصر بجدارة مرة أخري بقوة علي خريطة الاستثمار العالمية. ولكن لا تزال التحديات علي أرض الواقع قائمة، وعلينا أن نعمل بشكل مؤسسي لإزالتها. ولعل من أكثر الدراسات عمقاً في هذا الخصوص، التقرير الربع سنوي الذي يصدر عن مؤسسة  تحت عنوان «تقرير مخاطر التشغيل». فهذا التقرير يقيس درجة مخاطر الاستثمار في كل دولة من دول العالم، ويحلل بشكل دوري مواطن القوة والضعف في اقتصاديات الدولة المعنية. ويتسم هذا التقرير بالحيادية والمهنية الرفيعة


وأضع تحت نظر المسئولين في مصر ملخص التقرير الصادر عن الربع الأول من عام 2015 لكي نحلله، ونستفيد منه. فنحن قادرون علي تحويل أحلامنا إلي واقع إذا التزمنا بمنهج إصلاحي مدروس، وقادرون علي النجاح بأسرع مما نتصور. وأضع ملخص التقرير المذكور في السطور التالية لكي نري مواطن قوتنا وضعفنا والتحديات الموجودة بأعين المؤسسات المتخصصة:

نقاط القوة:
 
يوجد وعاء ضخم من العمالة غير المدربة تدريباً عالياً، وهي تصلح في قطاع الإنشاءات والتعمير.. معدل النمو العمراني مرتفع، وتوجد عمالة متاحة للمشروعات الصناعية كثيفة استخدام العمالة.. تمثل قناة السويس المفتاح الرئيسي للتجارة العالمية البحرية، وهو ما يعني أن الموانئ البحرية لمصر مفتوحة أمام الشركات العالمية، وبنفقات غير مرتفعة، ووقت مثالي.

 
مصر بتعدادها السكاني المرتفع تمثل سوقاً مهماً ومفتوحاً من خلال وسائل الإنترنت، وهو ما يسمح لمؤسسات الأعمال بالوصول إلي قاعدة ضخمة من العملاء.. مصر تقدم بشكل مقبول سوقا قابلا للتعامل معه من قبل المستثمرين الجدد.. النظام الضريبي صار أكثر وضوحاً في الفترة الأخيرة.. معدل الجريمة منخفض نسبياً بالمقارنة للدول الأخري في العالم..  الجيش المصري هو الجيش الأكبر في الشرق الأوسط، ومن أفضلها تسليحاً. وهو ما يعني أن تهديد الأمن المصري من الخارج محدود.

 
أما نقاط الضعف طبقاً للتقرير، فهي تشمل ما يأتي:
انتشار الإضرابات والاعتصامات العمالية علي نحو غير مؤسسي مما يشل نشاط المصانع ويربك سلسلة التوريدات.. صعوبة حصول العمالة الأجنبية المدربة وذات القدرات الفنية العالمية علي تراخيص العمل، علي الرغم من وجود نقص في المهارات التي ينتجها التعليم المصري في السوق المصرية.. عدم كفاية شبكة المرافق مما يؤدي إلي توقف الأعمال والالتزام بالتوريدات، وهو ما يؤدي إلي خسائر ملحوظة في القدرة الإنتاجية.. النقص في وجود بدائل عالية الجودة للنقل البري وشبكة المواصلات، نظراً لتردي حالة خطوط السكك الحديدية، وعدم تطوير شبكة النقل النهريِ، وهو ما يعني إضعاف التجارة الداخلية.

هناك العديد من القيود التي تحيط بفتح أنشطة اقتصادية جديدة أو إنهائها وهو ما يسبب تأخيرا باهظ الثمن للمستثمرين.
انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة نتيجة عدم الاستقرار السياسي.. التهديدات الإرهابية لاتزال ملحوظة وهو ما يرفع من معدل المخاطرة للمصريين والأجانب علي حد سواء.

 
الفرص المتاحة أمام مصر طبقاً للتقرير:
 
الاستثمار البشري - أي الاستثمار في التعليم - من شأنه زيادة قوة العمل المدربة وذات المهارات الفنية المرتفعة علي مدار الوقت.
توجد فرصة عظيمة لنمو سوق العمل بين النساء حيث لايزال معدل تشغيل النساء ضعيفاً.
 
تقوم الحكومة الحالية برئاسة السيسي - علي حد تعبير التقرير - باستثمارات ملحوظة لتحسين شبكة المرافق وخاصة في قطاع توليد الكهرباء، حيث إن انقطاع الكهرباء المتكرر يسبب قلاقل اجتماعية.. موقع مصر كمحور إقليمي في التجارة الدولية في سبيله إلي التحسن مع التوسعات المستمرة في خدمات النقل الجوي بمطار القاهرة الدولي.
 
مصر في موقع متميز لكي تصبح شريكا تجاريا رئيسا مع أوروبا وآسيا نتيجة للدور المحوري لقناة السويس في التجارة العالمية.


يوجد فرص كبيرة للنمو والاستثمار في القطاع المصرفي حيث إن معدلات التمويل لاتزال محدودة..  الإطاحة بالإخوان المسلمين من السلطة أدي بشكل ملحوظ إلي تحسن الوضع الأمني..  التهديدات أو التحديات التي تواجه مناخ الاستثمار والنمو الاقتصادي:


 
توجد مخاطر حقيقية بشأن إمكانية تزايد إضرابات واحتجاجات العمال، والإضرابات المدنية، مما من شأنه التأثير سلباً علي مناخ العمل والاستثمار.. هجرة العقول من مصر أصبحت تمثل خطراً حقيقياً حيث إن العمالة المدربة وأصحاب القدرات المتميزة في هجرة مستمرة إلي خارج البلاد، وهو ما يؤدي إلي عدم توافر كفاءات حقيقية داخل البلاد في المجالات التي تحتاج إلي تخصص فني وإداري.


 
زيادة عدد السيارات الخاصة بشكل مستمر، وعدم توافر بدائل جيدة للمواصلات العامة، وتردي حالة الطرق في المدن الرئيسية؛ يعني المزيد من الازدحام، وتعطل التجارة الداخلية.


تعاظم الفقر المائي من شأنه أن يؤثر سلباً علي نمو القطاع الزراعي، والصناعات التي تعتمد علي الاستهلاك العالي من المياه.


 
المخاطر السياسية أدت إلي فقدان المستهلك للثقة في المستقبل وتناقص معدلات الإقراض، وهو ما يؤثر علي القدرة علي الإنفاق.


 
تزايد الفساد صار من أكثر الاعتبارات التي تعيق المستثمرين الجدد علي الدخول إلي السوق المصري.. الجريمة المنظمة والتنظيمات العصابية تزايدت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.. شعبية مصر كمزار سياحي، وأهمية مصر كمحور للتجارة العالمية من خلال قناة السويس يجعل من مصر هدفا جذابا للهجمات الإرهابية.


خلاصة هذا التقرير أن مواطن قوتنا تتمثل بشكل رئيسي في وجود جيش قوي، وممر مائي يمثل شريان التجارة العالمية، وسوق واعدة. أما مواطن الضعف والتحديات فتكمن في تناقص مصادر الطاقة، وتعاظم البيروقراطية، والفساد، وسوء حالة التعليم، ومخاطر الفقر المائي، والعمليات الإرهابية، وتردي البنية الأساسية خاصة شبكات النقل والمواصلات.

قد نتفق أو نختلف علي بعض ما جاء في هذا التقرير، ولكن المهم هو كيف نستفيد من نقاط القوة ونطورها، وكيف نعمل علي إصلاح الخلل الموجود حالياً لتحقيق التنمية.
وللحديث بقية... اللينك

استمع الي مقالي عبر منصة اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم. اللينك 

الخميس، 9 أبريل 2015

الخطأ المشترك للرؤساء عبد الناصر والسادات ومبارك

جريدة الاخبار - 9/4/2015


إن كافة آمال الشعوب وطموحاتها، والسياسات الإصلاحية الجادة، تنكسر علي حائط بيروقراطية الجهاز الإداري للدولة وفساده

لسنا هنا بصدد تقييم فترات حكم الرؤساء جمال عبد الناصر، ومحمد أنور السادات، وحسني مبارك، ولكن في رأيي أنه كان لهم جميعاً خطأ مشترك واحد وقعوا فيه. جميع الرؤساء السابقين ركّزوا في محاولات النهضة فقط علي فكرة المشروعات القومية الكبري؛ فكان للرئيس جمال عبد الناصر طموحات قومية داخل مصر وخارجها، بدءاً بمشروع الوحدة وتحرير أفريقيا والدول العربية، مروراً بإنشاء الصناعة الوطنية وانتهاءً بمشروع السد العالي.

وكذلك الرئيس السادات كان له مشروعاته القومية بدءاً بحرب أكتوبر، وانتهاءً بالمدن الجديدة (6 أكتوبر، والسادات، والعاشر من رمضان). أما الرئيس مبارك فكانت مشروعاته القومية أقل طموحاً، وتركزت علي استكمال البنية الأساسية مثل الكباري ومحطات الكهرباء والمياه وخطوط التليفونات ومترو الأنفاق، واستكمال التوسعات في المدن الجديدة.

ولكن لم يهتم أي منهم أو يعطي أولوية لإصلاح الجهاز الحكومي ورفع كفاءة أداء المرافق العامة والقائمين عليها. فلم يكن الإصلاح المؤسسي علي قائمة أولويات أي من الرؤساء المذكورين. وهذا هو مربط الفرس، والفارق بيننا وبين دول أخري نجحت رغم أن مصر بدأت معها برامجها في الإصلاح الاقتصادي.
ففي حين ركزنا في مصر علي الإنفاق علي المرافق العامة الجديدة، وسياسات الإصلاح الاقتصادي؛ لم نعط أولوية في إصلاح الجهاز الحكومي وتطوير أدائه، ومعه تطوير مرفق التعليم. في حين اعتمدت دول -مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا وتركيا وقبلها هونج كونج- علي محاور ثلاثة رئيسية، وهي تستهدف تحقيق معجزتها الاقتصادية، أولها: تحسين المرافق الأساسية من خلال مشروعات قومية عملاقة، وثانيها: رفع مستوي وأداء الجهاز الحكومي بمعناه الواسع، وجذب أفضل العناصر والكفاءات للعمل الوزاري والعمل الحكومي، وللمستشفيات العامة والمصانع المملوكة للدولة. وواجهت هذه الدول الفساد الحكومي بوضع نظم مالية لجذب أفضل العناصر الفنية والمهنية، علي الرغم من نقص الموارد الحكومية في ذلك الوقت.

تغيير حكومة بعد حكومة في ذات المناخ المؤسسي سيؤدي إلي نفس النتيجة وذات الفشل ما لم يكن تغير الحكومة مصحوباً بتغير مؤسسي حقيقي. هذا ما قاله (لي كون يون) مؤسس سنغافورة الحديثة.
أما المحور الثالث للإصلاح فكان الاهتمام بالتعليم وجودته ومضمونه الاجتماعي، وما يحمله من قيم التعلم وروح العمل الجماعي، وخدمة المجتمع، والإنجاز، والعدالة. وبالمناسبة مستوي التعليم في مصر سواء التعليم الأساسي أو الفني أو العالي في الستينات، بل وحتي منتصف السبعينات، كان أعلي من مستوي التعليم في هذه الدول جميعها.

لن أملّ وأنا أكرر يوماً بعد يوم، أن مصر لن ينصلح حالها ولن تقوم لها قائمة ما لم نبدأ بجدية في الإصلاحين المؤسسي والتعليم. مهما بنينا من مشروعات قومية، وحققنا من إنجازات في هذا المجال، فلن يؤتي ثماره وتتحقق الاستمرارية في النمو؛ والإصلاحين الاقتصادي والاجتماعي -كما حدث في الهند والصين وتركيا وماليزيا- دون أن يواكب ذلك إصلاح حقيقي للجهاز الحكومي ومرفق التعليم. بل إن هناك تجارب بعيدة عنا حققت طفرات وقفزات تستأهل الدراسة وهما فيتنام وسريلانكا... هذا البلد الأخير كان من أفقر شعوب العالم، وبه حروب أهلية فتاكة. نسبة الأمية في هذا البلد تضاءلت في أقل من عشر سنوات إلي أقل من 4%
إن كافة آمال الشعوب وطموحاتها، والسياسات الإصلاحية الجادة، تنكسر علي حائط بيروقراطية الجهاز الإداري للدولة وفساده.

مصر لا تخلو من التجارب الناجحة. القطاع المصرفي في مصر بنهاية 1999 وبداية 2000 كان يحتوي علي أكثر من 40 بنكاً مفلساً بمعني الكلمة، وكان من أكثر القطاعات فساداً. بدأت خطة إصلاحه الحقيقية بنهاية عام 2002، ولم يكن من الممكن تحقيق أي نجاح بشأن السياسات النقدية، وزيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي، وتوسيع قاعدة الإقراض، وضخ الاستثمار في الاقتصاد الوطني وتمويل المشروعات دون إصلاح مؤسسي للقطاع. فبدأت خطة الإصلاح بتعيين أكثر الناس كفاءة في القطاع المصرفي، فعمل بالبنك المركزي د. فاروق العقدة محافظاً له، وعمل معه أفضل الكفاءات المصرفية والتي لايزال جميعهم علي قمة القطاع المصرفي الآن سواء داخل البنك المركزي أو في البنوك العامة أو البنوك الخاصة، وبدأت خطة الإصلاح بإعادة هيكلة البنك المركزي ذاته، وتطوير دوره في المحافظة علي استقرار الأسعار، وسلامة ومتانة الجهاز المصرف». وكانت البداية بديهية لأصحاب العقول، فإذا كان البنك المركزي بنك البنوك وبنك الحكومة ضعيفاً ومترهلاً، فسيكون وضع القطاع المصرفي، والاقتصاد المصري كله كذلك. ومن هنا كانت بداية الإصلاح هي الإصلاح المؤسسي لبنك الحكومة، وتبع ذلك إصلاح القطاع المصرفي برمته، وفي أقل من 4 سنوات فقط من بداية الإصلاح أصبح القطاع المصرفي المصري في خلال الأزمة المالية العالمية من أقوي القطاعات وأقلها تأثراً ولم تسبقه سوي سنغافورة. ولم تتأثر استثمارات البنك المركزي خارج مصر رغم الأزمة المالية العالمية في 2008 لأن إدارة هذه الاستثمارات عهد بها إلي أكثر الناس خبرة وكفاءة، فكان أثر الخسائر محدود للغاية.

هناك نموذج آخر نجح بشدة، وإن كان حقه مهضوماً، وهو قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر. هذا القطاع نجح بنهاية التسعينات في تحقيق طفرة هائلة في مستوي تحسين الخدمات، ودخول مصر للعصور الحديثة، نجاح هذا القطاع أيضاً بدأ بعمليات إصلاح مؤسسي حقيقية للجهاز الحكومي والرقابي، وشركات الخدمات العامة، وفتح المنافسة المشروعة، فنجح هذا القطاع ليضع مصر علي خريطة العالم، ونجح في جذب كفاءات عالية للعمل الحكومي، ونجح من خلال الإصلاح المؤسسي في أقل من خمس سنوات في تحقيق قفزة، وللأسف تعرض هذا القطاع للإهمال علي مدار الخمس سنوات الماضية، ومع ذلك تحتل مصر علي مستوي البنية الأساسية وكفاءة القطاع رقم (61) علي مستوي دول العالم البالغ عددها حوالي 151 دولة. واستمرار الإصلاح المؤسسي في هذا القطاع أمر ضروري ولازم لإصلاح التعليم وجذب الاستثمار وتحقيق التنمية الإدارية والإصلاح الحكومي بشكل عام.

إتمام المشروعات القومية وحده ونهضته لن يحقق التنمية، فعلي سبيل المثال؛ محطات الكهرباء التي أنشأتها الدولة تعمل معظمها بـ35% من طاقتها بسبب سوء حالة الصيانة والتشغيل، في حين تبلغ كفاءة محطات الكهرباء التي يديرها القطاع الخاص 97% إلي 100% من إجمالي طاقتها. ما لم نحسن تدريب الجهاز القائم علي الصيانة ونطور كفاءته   الإدارية والمالية فستتحول هذه المشروعات إلي خرابات...

هناك قطاعات في الدولة بأقل مجهود يمكن أن تساهم في تحقيق طموحاتنا، علينا أن نحافظ علي نجاحات القطاع المصرفي وقطاع الاتصالات، ويجب أن تنتقل نوبة الإصلاح إلي قطاع الكهرباء والبترول والنقل البري والبحري، والتعليم، والقضاء، والموارد المائية، والاستصلاح الزراعي والثروة السمكية. لو نجحنا ونحن قادرون- علي تحقيق طفرة ملموسة في هذه القطاعات خلال الأعوام الثلاثة القادمة وأعطيناها الأولية، سنحقق انطلاقة عظيمة في كافة المجالات بعد ذلك... صدقوني. اللينك
استمع الي مقالي فى الاخبار عبر اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم. اللينك