الخميس، 30 أكتوبر 2014

النمو الاقتصادي وحده لا يكفي



جريدة الاخبار - 30/10/2014

وعلي الجميع أن يعي أنه ليس هناك تعارض بين تشجيع الاستثمار في المشروعات الصناعية الكبري، وجذب الشركات العالمية، ودعم المشروعات الصغيرة وتشجيع ريادة الأعمال، فالأولي ستسرع بخطوات النمو الاقتصادي


التقيت في صيف 2013 بالسيد/ جيم كليفتون الرئيس التنفيذي لمعهد «جالوب» الأمريكي، والمعهد يعد من أكبر مؤسسات العالم في دراسات استطلاعات الرأي العام، وإعداد البحوث اللازمة لخطط الإصلاح الاستراتيجي والمؤسسي للشركات الكبري والحكومات المختلفة.
وخلال هذا اللقاء أطلعني السيد/ جيم كليفتون علي دراسة أعدها معهد جالوب، عن العلاقة بين معدل رضاء الرأي العام في مصر عن أحوالهم والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ومعدل النمو الاقتصادي في مصر، وذلك عن الفترة من عام (2005) إلي عام (2010). وقد انتهت الدراسة إلي نتيجة صادمة أوضحت أنه خلال فترة الدراسة، كان معدل النمو الاقتصادي في مصر وأداء الاقتصاد الكلي في ارتفاع مستمر، في حين أن معدل رضاء الرأي العام وشعوره بالآثار الإيجابية في انخفاض مستمر حتي وصل السخط طبقاً لقياسات الرأي العام إلي أعلي مستوياته بنهاية عام 2010.

وبعبارة أخري، فإن الدراسة أبانت عن علاقة عكسية في مصر خلال الأعوام من 2005 إلي 2010 بين ارتفاع معدل النمو الاقتصادي ورضا الشعب عن وضعهم وأداء الحكومة، فكلما زاد النمو الاقتصادي كلما انخفضت معدلات الرضا!!

ولهذه الظاهرة أسبابها؛ فلا شك أنه كانت هناك طفرة في نمو الاقتصاد المصري اعتباراً من عام 2004، وأن متوسط معدل النمو بلغ 7% سنوياً، وأن تدفقات الاستثمار الأجنبي بلغت أعلي معدلاتها في عام 2006، وأن التشغيل بلغ حوالي 600 ألف فرصة عمل سنوياً. ومع ذلك لم يشعر 80% علي الأقل من المصريين بأية آثار إيجابية لهذا النمو الاقتصادي، رغم أنه كان نمواً حقيقياً. والمعضلة، أن هذا النمو لم يجلب معه تنمية شاملة، فالآثار الإيجابية للنمو لم يستفد منها غالبية المصريين، فظلت الخدمات الصحية والتعليمية والنقل العام دون تحسن ملحوظ، ولم يتحسن الوضع المالي للعاملين في الدولة وصغار المزارعين، ودفنوا تحت وطأة التضخم، وعلي الرغم من ضخ استثمارات عامة غير مسبوقة في مجال الصرف الصحي ومياه الشرب؛ إلا أن ذلك لم يكن كافياً، وظل الصعيد يعاني -ولا يزال- من وطأة الفقر المدقع، وزادت العشوائيات، وتدهور حال الجهاز الحكومي رغم محاولات البعض للإصلاح، فالفئات التي استفادت من النمو كانت محدودة العدد نسبياً، وتحققت طفرات في الثروات لأقلية نتيجة ارتفاع أسعار الأراضي أو مكاسب البورصة، ولاشك أنها لم تنعكس علي الغالبية، وزاد الطين بلة غياب الشفافية وانعدام تكافؤ الفرص.

ولذلك كله وعلي الرغم من النمو الاقتصادي نتيجة اتباع سياسات إصلاح اقتصادي خلال الفترة من 2004 إلي 2007، فإن انعدام الرضاء والإحساس بغياب العدالة قد بلغ ذروته بنهاية عام 2010. وعلينا لا شك أن نستفيد جيداً من هذا الدرس، فتحقق الاستقرار السياسي وطموحات الشعب المصري لن يتحقق إلا بسياسات إصلاح اقتصادية تستهدف التنمية وليس النمو الاقتصادي وحده، وهذا بالضبط ما حدث في الهند وماليزيا. وعلي الجميع أن يعي أنه ليس هناك تعارض بين تشجيع الاستثمار في المشروعات الصناعية الكبري، وجذب الشركات العالمية، ودعم المشروعات الصغيرة وتشجيع ريادة الأعمال، فالأولي ستسرع بخطوات النمو الاقتصادي، والثانية ستحقق تنمية لأبناء الوطن واستقرار في الداخل وتستهدف فئة عريضة من أبناء الوطن. نحن لم نعد نملك رفاهية خلق مناخ غير جاذب للاستثمار للشركات العالمية، ولا نملك أن نتجاهل المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر؛ فهي الآلية الرئيسية لتحقيق التنمية، واستهداف محاربة الفقر.

وعلي الحكومة أن تصدر علي الفور حزمة من الإجراءات والتشريعات المتزامنة خلال الستين يوماً القادمة تستهدف دعم الاستثمار والمشروعات الصغيرة وتحقيق العدالة الاجتماعية في آن واحد، وتشمل هذه الحزمة التشريعية تعديل قانون الاستثمار للقضاء علي البيروقراطية، وقانون تمويل المشروعات متناهية الصغر، وقانون البنك الزراعي ودعم رأسماله لحماية حقوق المزارعين، وقانون تنمية منطقة قناة السويس، ودمج القطاع غير الرسمي في القطاع الإقتصادي. وطبعاً فإن الإصلاح لا يتحقق بتعديل القوانين، فلأهم والأصعب هو تطوير المؤسسات والقائمين عليها. اللينك
استمع الي مقالي عبر اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم اللينك

الخميس، 23 أكتوبر 2014

الحلول الأمنية وحدها لا تكفي

جريدة الاخبار - 23/10/2014

إن الحلول الأمنية البحتة تؤدي إلي مزيد من التطرف والتمزق، القضاء علي التطرف يبدأ بتنفيذ سياسات اقتصادية إصلاحية فورية تستهدف التشغيل والحد من البطالة وتخفيض معدلات الفقر


أحد الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلي تحويل كثير من مشاكلنا الصغيرة إلي أزمات هو أننا نتبع ونكرر ذات طريقة التفكير علي مدي سنوات طويلة رغم فشلنا في الوصول إلي حلول لهذه المشكلات.

ونتصور في كل مرة أن إتباع ذات الطريقة سيؤدي إلي نتائج مختلفة. ويسيطر علي تفكير كثير من المسئولين فرض حلول أمنية لمشكلات هي في المقام الأول بعيدة كل البعد عن قدرة الشرطة ولا يجب أن يسند عبء حلها إلي وزارة الداخلية.

والأمثلة علي ذلك لا تنتهي، فأزمة المرور تلقي بالكامل علي عاتق الشرطة علي الرغم  من أن 80% من الحل خارج إطار إدارة المرور. فتخطيط الطرق والكباري وتوسيعها، والمحاور المرورية هو مسئولية هيئة الطرق والكباري ووزارة النقل، انعدام وجود طرق محورية لسيارات النقل ليس مسئولية إدارة المرور، سوء حالة الطرق إلي الدرجة التي تشعر بها أنك في الملاهي أو سباق رالي ليس مشكلة إدارة المرور، انعدام كباري وأنفاق المشاه ليس مسئولية إدارة المرور، عدم استغلال النقل النهري مسئولية وزارة النقل. فلن يصلح حال المرور في مصر حتي ولو كان هناك لجنة عند كل إشارة، فليس هذا هو الحل.

كذلك، التعامل مع أزمة طلاب الجامعات، الجميع اتجه تفكيره إلي الحلول الأمنية، والتأمين الشرطي، ولكن أين دور الجامعات والكليات والحكومة في إقامة حوارات مع الطلاب... أين دور الأحزاب وهو يكاد يكون معدوما، هل تم عقد أية اجتماعات أو حوارات ثقافية... هل تمت أية محاولات جادة من مؤسساتنا التعليمية والثقافية لاحتواء القطاع الأكبر من الشباب وهم ليسوا بإخوان.... أين دور المؤسسات الرياضية، إن الاصطدام مع الأمن، ومحاولة الحل فقط من خلال الأمن ومواجهة المظاهرات لن يؤدي إلي أية نتائج إيجابية... هل لدي الحكومة أية خطة غير أمنية لاستيعاب الشباب في الجامعات ومخاطبة عقولهم وقلوبهم ... للأسف لا؟

أيضاً التقيت مؤخراً بالعديد من المرشحين المستقلين للانتخابات البرلمانية القادمة في كثير من محافظات مصر، والشكوي متكررة بأن هناك تحركات أمنية واسعة، ومحاولات لتشكيل تحالفات، ودعم مرشحين بأعينهم بعضهم من البرلمانيين القدامي سيئ السمعة... ربما يكون هناك قدر من المبالغة في الدور الذي يلعبه الأمن الوطني الآن في تحضير الانتخابات، ولكن من المؤكد هناك دور ما، الدور الأمني لا يجب أن يكون بديلاً للدور السياسي للأحزاب والحكومة إن تعاظم الدور الأمني في العملية السياسية هو خطوة للوراء وانتكاسة سندفع جميعاً الثمن، وربما تؤدي إلي عودة التيارات الدينية بقوة أكثر مما كانت عليه.
إن الحلول الأمنية البحتة تؤدي إلي مزيد من التطرف والتمزق، القضاء علي التطرف يبدأ بتنفيذ سياسات اقتصادية إصلاحية فورية تستهدف التشغيل والحد من البطالة وتخفيض معدلات الفقر، إن الفقر والجهل والإحساس بالظلم وانعدام تكافؤ الفرص هو التربة الخصبة للتطرف فجذور التطرف لا يمكن نزعها إلا من خلال سياسات اقتصادية واجتماعية فاعلة أري أننا لم نبدأ فيها بجدية بعد، والوقت يداهمنا ... من الخطأ الجسيم أن نلقي تبعة فشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية علي عاتق الشرطة، فهذا ليس من مهامها. وقد أدي استنزاف الداخلية في مهام ليست منوطة بها أصلاً إلي ارهاق الشرطة، وسوء حالة الأمن العام إلي حد بعيد . اللينك
استمع الي مقالي عبر اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم . اللينك

الخميس، 16 أكتوبر 2014

هل نريد النجاح لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي؟

جريدة الاخبار - 16/10/2014


أتصور أن الهدف من هذا المؤتمر هو حصول مصر علي استثمارات مباشرة حقيقية، وتمويل ضخم لمشروعات تنموية، وذلك من خلال دعوة المؤسسات المالية الدولية وصناديق الاستثمار العالمية والشركات من كافة دول العالم
يأمل  الجميع في أن يكون لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في فبراير 2015 أثرا فعالا في جذب الاستثمار لمصر والمشاركة الدولية في تحقيق التنمية. وحتي لا يتحول المؤتمر إلي «مكلمة»، وحتي لا نفوت فرصاً حقيقيةً للنمو يجب علي الحكومة أن تجاوب علي سؤالين فقط. 

 (1) ما الهدف من إقامة المؤتمر؟

ليس الهدف من المؤتمر مناقشة مشكلات الاستثمار في مصر وكيف تتغلب عليها، وليس مطروحاً أن نناقش معوقات الإصلاح الاقتصادي، ولا خطة الدولة التشريعية، ولا كيف تسعي الدولة إلي تسوية منازعات الاستثمار القائمة، فالفرض أن تكون كافة هذه المشكلات قد حسمت وانتهت قبل موعد المؤتمر، إذا كنا نريد أن يأخذنا العالم مأخذ الجد.

أتصور أن الهدف من هذا المؤتمر هو حصول مصر علي استثمارات مباشرة حقيقية، وتمويل ضخم لمشروعات تنموية، وذلك من خلال دعوة المؤسسات المالية الدولية وصناديق الاستثمار العالمية والشركات من كافة دول العالم للاستثمار وتمويل مشروعات محددة المعالم ذات جدوي اقتصادية واجتماعية للوطن. إن مصر تحتاج إلي تدفقات استثمارية سنوية لا تقل عن عشرين مليار دولار سنوياً علي مدار الخمس سنوات السابقة لرفع معدلات النمو الاقتصادي إلي 7%، ولخفض معدلات البطالة إلي أقل من 9%، وإلي الحد من معدلات الفقر إلي أقل من 25%.

 (2) ما هي الخطوات الواجبة والاستعدادات اللازمة لإنجاح المؤتمر؟

أولاً: الانتهاء من الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة الجديدة. فأحد المتطلبات الرئيسية للاستثمارات إزالة حالة الغموض السياسي Political Uncertainty. ولا شك أن تكوين مجلس النواب وحكومة مستقرة غير انتقالية فيه دلالة علي تحول مصر من المرحلة الانتقالية إلي مرحلة أكثر استقراراً سياسياً.

ثانياً: الإفصاح عن خريطة الإصلاح الاقتصادي الكاملة بما في ذلك السياسات المالية والضريبية والإصلاح المؤسسي، وملف الطاقة.

ثالثاً: تفعيل المادة (4) من اتفاق صندوق النقد الدولي الخاص بالمساعدات الفنية لمصر من المؤسسات الدولية، والدخول في شراكة جادة مع هذه المؤسسات دون خوف ودون الانصياع إلي أية برامج إصلاحية لا تحقق مصلحة الوطن أو تضر بتحقيق العدالة الاجتماعية، ولكن يجب عدم الانطواء الدولي ويجب الاستفادة من الخبرات الدولية والمحلية في برامج الإصلاح.

رابعاً: إصدار حزمة واضحة من التشريعات الإصلاحية الضرورية أهمها تعديل قانون الاستثمار الحالي تلغي معه التعددية في ولاية إصدار تراخيص التشغيل ومنح الأراضي، وتطبيق نظام الشباك الواحد بحذافيره، وكذلك تعديل قانون الشركات للسماح بشركات الشخص الواحد، وتطوير قواعد التصفية وتبسيط إجراءات إنشاء الشركات وزيادة رأس المال النقدية، وحل مشاكل التباطؤ الناشئة عن التأخر في الحصول علي الموافقات الأمنية، وتعديل قانون أحكام الإفلاس والصلح الواقي منه، وإصدار قانون تنمية منطقة قناة السويس. القائمة طويلة والتشريعات جاهزة منذ فترة طويلة. المهم أن تعطي الحكومة قبل المؤتمر «أمارة» علي جديتها في تطوير البنية التشريعية اللازمة لتشجيع الاستثمار.


خامساً: حسم منازعات الاستثمار القائمة بين الحكومة والمستثمرين والتي أدت إلي توقف عشرات المشروعات الكبري، وأضفت انطباعاً عاماً خارج مصر علي أننا بلد لا يحترم تعاقداته، وعلينا أن نعترف بأن الكثير من الجهات الحكومية تستسهل إصدار أحكام قضائية وتحكيمية ضدها بدلاً من أن تقوم الجهة بالتسوية الودية، فيقع ممثلوها تحت شبهة التجريم. هل نتوقع أن يؤتي المؤتمر ثماره، ولا تزال عشرات من القضايا معلقة دون حسم.

سادساً: الإعلان عن خريطة استثمارية واضحة للخمس سنوات القادمة. نحن لا نتحدث عن مجرد أفكار لمشروعات، بل مشروعات حقيقية، ولكي يكون المشروع حقيقياً، فإنه يجب أن تكون فكرته واضحة، ومكوناته الفنية محددة، ودراسته الاقتصادية قائمة، وموقعه الجغرافي محدداً ومعروفاً، ومصادر الطاقة وسعرها، وتوصيلات المياه والكهرباء موجودة، وجدوي المشروع الاقتصادية والاجتماعية مدروسة بعناية، ومشروعات الاتفاقيات والعقود والتراخيص تم إعدادها، فلو أن هذه الاشتراطات والمكونات غير موجودة فليس لدينا مشروعات ولا يحزنون، وسنفقد مرة أخري فرصاً حقيقية للاستثمار والتنمية.

سابعاً: إنشاء إطار مؤسسي للتحضير للمؤتمر وما بعده، ولا أتحدث هنا عن الجوانب التنظيمية واللوجستية، وهو أمر في غاية الأهمية، ولكن أتحدث عن التحضير للمشروعات والتنسيق مع الجهات المحلية والدولية، والإعداد للاتفاقات ومتابعة تنفيذ الخطوات السابقة. وأتساءل هل أنشئت لجنة فنية وإدارية دائمة للإعداد للمؤتمر، ومقرراته،  رجاءً لا تضيعوا فرصاً حقيقية لإعادة بناء الوطن. اللينك
استمع الي مقالي عبر اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم اللينك

الأحد، 12 أكتوبر 2014

مشروع تنمية قناة السويس.. وقانون خاص بها

مجلة الاهرام الاقتصادى - 12/10/2014

تنتظر مصر خلال المرحلة القادمة مجموعة من التعديلات التشريعية المتعلقة بتحسين وتشجيع المناخ الاستثمارى، تلك التشريعات تستهدف اصلاح عاجل لأمور كانت سبب مباشر فى تأخر الاستثمارات القادمة لمصر، دفعنى الحوار مع مجلة الأهرام الاقتصادى والذى نشر فى 12/10/2014 إلى الخوض فى تفاصيل كثيرة متخصصة حيث كان من الضرورى إيضاح نقاط هامة مثل أهمية البورصة كوعاء تمويلى يساهم فى تنشيط الاستثمار بشكل مباشر، ولم أمل من تكرار النصيحة بضرورة دعم الحكومة للقطاع الخاص الذى يساند بتواجده الاقتصاد بشكل فعال .
هناك عبء يقع على الدولة فى تحسين حالة المناخ العام للاستثمارات قبل إصدار اى قانون جديد لأننى على قناعة شخصية بأن المستثمر القادم الينا يهتم فى الأساس بمناخ العمل وسرعة حل مشاكله، ولأن موضوع مشروع قناة السويس الجديدة أصبح شأن عام وليس مشروع استثمار اقتصادى فقط تطرق الحوار للحديث عنه، خاصة وأننى أشرف من خلال مكتب المحاماة الخاص بى بمهمة التنسيق بين حزمتى القوانين التى أعدتها الحكومة وهيئة قناة السويس وعلى وجه التحديد الجوانب التشريعية فى الموضوع .

الحوار تطرق إلى نقطة هامة ومتخصصة وهى التمويل وكيفية تمويل المشروعات التنموية التى ترغب الدولة فى أقامتها خلال الفترة القادمة وهل يكون هذا التمويل من خلال إصدار أذون خزانة أو سندات أم يتم استنساخ تجربة شهادات استثمار قناة السويس مرة أخرى ؟


التفاصيل فى هذا الحوار اللينك


الخميس، 9 أكتوبر 2014

ضجيج بلا طحن


جريدة الاخبار - 9/10/2014

لا شك ان البرلمان القادم لن يكون الأمثل بعد ثورتين، ولكنه سيكون الأهم في تشكيل الخريطة السياسية والحزبية في تاريخ مصر الحديثة، واللبنة الأولي لبناء نظام سياسي ديموقراطي حقيقي.

(1) تعديل الدستور : تعلو بعض الأصوات لتطالب بتعديل المواد الدستورية الخاصة بسلطات رئيس الجمهورية ومنحه صلاحيات أكثر مما هو قائم.. وحجة هؤلاء أن صلاحيات البرلمان الجديد كثيرة وتفوق صلاحيات الرئيس ومن شأن ذلك إعاقة خطط الرئيس الإصلاحية وقدرته علي مواجهة التحديات والتحرك إلي الأمام. وأقولها لهؤلاء بكل وضوح، أرفعوا أيديكم عن الدستور، فلا يمكن الحكم علي صلاحية نظام دستوري وسياسي قبل اختباره. إن المساس بالنصوص الدستورية في هذه المرحلة الدقيقة دون مبرر واضح سوي تكهنات أمر من شأنه أن يؤدي إلي زعزعة النظام السياسي برمته دون دافع وطني حقيقي.. فأرجو مخلصاً من هؤلاء أن يتوقفوا عن محاولات العبث بنظام سياسي ودستوري لايزال في مرحلة البناء.

(2) تأجيل الانتخابات البرلمانية : وفي ظل الاتجاه السابق، ترتفع بعض الأصوات لتطالب بتأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة عام أو عامين إضافيين. ويسوق هؤلاء أسباب متعددة لمطالبتهم منها أن الأحزاب لاتزال تحتاج إلي مزيد من الوقت للإعداد للانتخابات وتكوين كوادر برلمانية، وإن إجراء الانتخابات الآن وفي ظل الضعف الحزبي من شأنه إعادة التيارات المتطرفة إلي الحياة السياسية. يضيف أصحاب هذا الرأي أن البرلمان القادم خارج عن السيطرة، وأنه في ظل عدم وجود أغلبية واضحة أو ظهير سياسي قوي للرئيس، فإن البرلمان القادم من شأنه أن يكون عقبة في طريق الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وسيؤدي إلي تباطؤ إصدار التشريعات الضرورية. 
وأعود لأقول لهؤلاء بشكل واضح، إن أضرار تأجيل الانتخابات البرلمانية ومساوئه تفوق عشرات المرات المشكلات الناجمة عن إقامة الانتخابات في موعدها. فإقامة الانتخابات في موعدها وتشكيل البرلمان الجديد المنتخب هو الخطوة الأخيرة والأهم لاستكمال نظامنا الدستوري بعد ثورة 30 يونيو وإتمام المرحلة الانتقالية. ولعقد الانتخابات البرلمانية في موعدها دلالة هامة علي استقرار النظام السياسي في مصر، والجدية في تحقيق الإصلاح السياسي الذي دعت إليه ثورة 25 يناير وإقرار المبادئ الدستورية الأساسية وأهمها الفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية.. إن غياب برلمان منتخب سيعطي أعداء مصر في الخارج والداخل الذريعة المناسبة للهجوم علي مصر ومحاولة التشكيك في نظامنا السياسي وضرب الاستقرار. ولا شك أن انتخاب برلمان جديد خلال الشهور الثلاث القادمة ضرورة للإصلاح الحكومي فالإصلاح المؤسسي لأجهزة الدولة ومحاربة الفساد أحد روافده الأساسية وجود رقابة برلمانية فاعلة.

(3) تركيبة البرلمان القادم : تجري الآن محاولات جادة لتشكيل قائمة وطنية موحدة، وتسعي قيادات سياسية بجدية للتنسيق بين الأحزاب والتيارات السياسية المدنية لتكوين تكتلات خشية أن تؤدي حالة التفتت والتشرذم السياسي الحالية إلي وجود برلمان أشبه بالضجيج بلا طحين أي برلمان معوق غير فعال دون أغلبية واضحة. وأري شخصياً، ان الصورة الحقيقة للأحزاب والتنظيم السياسي في مصر لن تتشكل وتكتمل إلا بعد الانتخابات البرلمانية وليس قبلها.. والبرلمانيون المستقلون سيمثلوا الحصان الأسود في الانتخابات البرلمانية القادمة. وعلي الرغم من أن نجاح المستقلين في الانتخابات البرلمانية لن يعتمد علي أي دعم حزبي أو ظهير سياسي، فإن المعضلة ستظهر بعد نجاحهم، فأي عضو مستقل بمفرده دون تكتل برلماني تصويتي سيجعله غير فاعل أو مؤثر بل سيحرمه من المشاركة الجدية في أي من اللجان البرلمانية المختلفة. ولن يكون للمستقلين بديل عن التكتل فيما بينهم وبعضهم البعض أو التحالف البرلماني والسياسي مع ممثلي الأحزاب والتيارات السياسية الأخري. ومن هنا ستظهر في رأيي تكتلات سياسية وتحالفات بل وربما أحزاب جديدة لم تكن قائمة قبل إجراء الانتخابات البرلمانية.. والوضع السياسي الحالي ينبئ عن احتمال وجود مجموعات ثلاث من البرلمانيين، أما المجموعة الأولي، فهي مجموعة المستقلين ممن لا ينتمون لأحزاب او حركات سياسية بعينها، أما المجموعة الثانية تتكون من ممثلي الأحزاب والحركات السياسية المدنية غير المحسوبة علي تيار الإسلام السياسي. ومعضلة هذه المجموعة أنها تضم كتل وشعب متطاحنة وتأتي من خلفيات سياسية مختلفة.. فهؤلاء مهما تكتلوا أو نسقوا قبل الانتخابات ستفرقهم تحت قبة البرلمان أيدولوجيات وخلفيات سياسية متعارضة. وستفتقر أي من هذه الأحزاب أو التيارات بمفردها إمكانية تكوين الأكثرية البرلمانية.

وأما المجموعة الثالثة، فهي تكتلات الأحزاب القائمة علي أساس ديني وإن أنكرت ذلك، وهي لن تشكل في الانتخابات القادمة في رأيي أكثر من 10% من قوة البرلمان القادم.



إن ضم الكفاءات الفنية وأصحاب الرؤي الاستراتيجية للبرلمان القادم لا شك سيكون مرهون بتحري الدقة والموضوعية في اختيار قائمة وطنية موحدة علي مستوي الجمهورية،والتي سيكون لها النصيب الأكبر في النجاح، واختيار الأعضاء المعينين من قبل رئيس الجمهورية وفقاً للدستور. اللينك

استمع الي مقالي عبر اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم. اللينك

الخميس، 2 أكتوبر 2014

جيل الوسط المفترى عليه

جريدة الاخبار - 2/10/2014


هل فعلاً صرنا أمة عجوزاً لا تثق في جيل الوسط، هل فعلاً صرناً دولة تجافي منطق الأمور في كل شيء ... هذا المقال ليس دعوة لتصارع الأجيال بل لتكاملها


يثار النقاش كثيراً حول ضرورة منح الفرص الحقيقية لتولي الشباب مناصب تنفيذية وقيادية. وفي هذا السياق أصدر رئيس مجلس الوزراء منذ أيام قليلة القرار رقم 1592 لسنة 2014 بإلزام كل وزير في وزارته باختيار (2-4) لشغل وظيفة معاون وزير علي ألا يزيد سن المعاون عن أربعين عاماً.. وفي المقابل، فإن لمصر مرشحين يتنافسان علي ذات المقعد، وهومقعد الدول العربية بمجلس المديرين بصندوق النقد الدولي. الأول هامة ورجل دولة بمعني الكلمة (77 عاماً) رشحه محافظ البنك المركزي المصري، والمرشح الآخر مصري أيضاً وقامة اقتصادية دولية رفيعة المستوي رشحته الإمارات العربية ويبلغ من العمر (85) عاماً. وربما يؤدي ترشيح مصريين علي ذات المقعد أن تفقد مصر مقعدها الذي تحتفظ به منذ عام 1946! وأنا أتابع هذه الأمور، قفز إلي ذهني أن رؤساء وزراء مصر الستة الذين تعاقبوا علي المنصب منذ ثورة 25 يناير تجاوزت أعمارهم باستثناء وحيد حاجز الخمسة وستين عاماً.. وأتساءل أين دور جيل الوسط في تولي المناصب التنفيذية والقيادية بأجهزة الدولة، وتمثيلها في المحافل الدولية الذين تتراوح أعمارهم بين الأربعين والخمسة وخمسين ... للأسف سقطوا من الحساب علي الرغم من أن هذا الجيل في معظم دول العالم هوجيل القيادة لأنه يجمع بين الخبرة والقدرة علي مواكبة التغييرات والعطاء .... أنظروا إلي فرنسا، إنجلترا، الولايات المتحدة الأمريكية، إيطاليا، المكسيك، والإمارات.



لا أحد يتحدث عن هذا الجيل أودوره، وكأنه سقط من حسابات الجميع بالمخالفة للمنطق وطبائع الأمور. وقفز إلي ذهني قصة أخري حدثت لي منذ أسابيع قليلة حيث اعترض أحد الخصوم في قضية تحكيمية علي تعيين أحد الخبراء رئيساً لهيئة التحكيم، وبمراجعته عن سبب الاعتراض رغم خبرة الرجل الطويلة وكفاءته، قال إنه لا يزال صغير السن وربما لا يستطيع إدارة الجلسات بشكل حكيم .... المفاجأة أن صغير السن هذا يبلغ من العمر 56 عاماً أي بقي له أربع سنوات علي سن المعاش !! وتزول الغرابة إذا عرفنا أن المحكمين الآخرين تجاوزت أعمارهما الثمانين عاماً. وبالرجوع إلي تاريخ مصر الحديث انتبهت إلي أن سحق جيل الوسط، هوعادة مصرية أصيلة جاءت في أعقاب ثورة 1952، فمع قيام الثورة والتخلص من كافة القيادات التنفيذية في ذلك الوقت حل محلها جيل الثورة من قيادات مجلس الثورة ومؤيديهم وتراوحت أعمارهم بين الثلاثين عاماً والأربعين عاماً، وانسحق جيل الوسط في ذلك الوقت علي اعتبار أنهم من أعداء الثورة، واستمر معظم هذا الجيل في مناصبه التنفيذية حتي نهاية السبعينيات، ولم يختلف عهدي السادات ومبارك عن اتباع هذه السُنة إلا فيما ندر وعلي سبيل الاستثناء.. هل فعلاً صرنا أمة عجوزة لا تثق في جيل الوسط، هل فعلاً صرناً دولة تجافي منطق الأمور في كل شيء ... هذا المقال ليس دعوة لتصارع الأجيال بل لتكاملها، ونحن نشجع تمكين الشباب، وندعم الاستعانة بخبرة حكمائنا ولكن يجب ألا نمحي جيلاً كاملاً .... يحضرني الآن ما قاله لي سفير سنغافورة في مصر من أن أعمار السفراء في دولته تتراوح بين الـ 35 عاماً و55 عاماً وبعد هذا السن تتم الاستعانة بهم كخبراء لرسم السياسات الاستراتيجية للدولة، واختيار السفراء الجدد وتدريبهم، والاستعانة بهم في المهام الخاصة شديدة الحساسية وليس في المناصب التنفيذية ... لا أقلل من شأن المرشحين لمقعد صندوق النقد لا سمح الله فهما من خيرة علماء مصر والعالم، ولكن أتساءل ألا يوجد من أبناء مصر ورجالاتها من جيل الوسط من يصلح لهذه المهمة، خاصة وأن هذا المنصب بطبيعته يحتاج إلي الاستمرار فيه بما لا يقل عن عشر سنوات حتي يكون مؤثراً، فأين محمود محي الدين أوطارق عامر أورانيا المشاط أونضال الأعصر علي سبيل المثال من الترشيح لهذا المنصب.



 يا سادة يا كرام في مصر كفاءات قيادية من جيل الوسط لا حصر لها لا تخنقوها ... كم عدد المحافظين اللذين تقل أعمارهم عن (55) عاماً، كم عدد رؤساء الهيئات الاقتصادية ممن ينتمون إلي جيل الوسط، هل تولي رئاسة مجلس الشعب والشوري علي مدار الأربعين عاماً الماضية من هودون سن الخامسة والستون؟ لا تصدقوا مقولة أن هناك أزمة كفاءات فهذه أكذوبة بمعني الكلمة .... ابحثوا عنهم بجدية وستجدونهم في كل مكان. راجعوا القيادات الصحفية الناجحة الأن، وانظروا الي القيادات المصرفية ممن حققوا طفرات للوطن وانظروا إلي الرؤساء التنفيذين بالشركات العالمية ستجدونهم جميعاً من أبناء جيل الوسط... فلماذا لا نلجأ الي هذا الجيل لتطوير الجهاز الحكومي انظروا كذلك إلي العالم حولكم وستدركون أننا أمة عجوزة في الفكر آن لها ان تنفض عنها التصلب والجمود، فلا إصلاح بدون اعداد جيل الشباب وتحضيره لتولي المسئولية من خلال تكافؤ الفرص والتدريب والتأهيل الإداري والسياسي الحقيقي. ولكن يجب تمكين جيل الوسط لتحمل المسئولية التنفيذية فهذا قدره، ولا يمكن الاستغناء عن جيل الحكماء لبناء المستقبل ولكن ينتقل دورهم كأصل عام من الدور التنفيذي إلي الدور الإستشاري ... فهذه هي سنة الحياة، وهذا هونهج الأمم الناهضة. اللينك
استمع الي مقالي عبر اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم اللينك