حسناً فعل الدكتور/ هشام قنديل بإنشاء وزارة
مستقلة للمرافق تكون مسؤلة عن إنشاء وتشغيل محطات مياه الشرب والصرف الصحى وغيرها
من المرافق الأساسية، وإن ظلت مشروعات الكهرباء والطاقة مسؤلية وزارة الكهرباء
إن إستكمال خطة التنمية العمرانية، والتطوير
الصناعى، والقضاء على العشوائيات والبدء فى مشروعات التنمية العملاقة مثل تنمية
وتطوير سيناء وقناة السويس وخليج السويس، وإنشاء وتطوير الموانئ البرية والنهرية
والبحرية يحتاج إلى مئات المليارات من الجنيهات. فمن أين تأتى الحكومة بهذه
الأموال لمشروعات البنية الأساسية التى بدونها لا أمل فى التنمية الحقيقية للإنسان
المصرى وللأجيال القادمة؟؟
وتزداد صعوبة السؤال
بمراجعة الموازنة العامة للدولة للسنة المالية (2012/2013) لنجد أن الإيرادات العامة المتوقعة تبلغ
حوالى 393،4 مليار جنيه مصرى فى حين تصل المصروفات إلى533،7 مليار جنيه مصرى
تقريباً أى أن العجز فى الموازنة يصل إلى حوالى 140 مليار جنيه مصرى! وهو أمر
مخيف. ويزداد الأمر تعقيداً إذا قمنا بتحليل بنود المصروفات العامة لنكتشف أن 25،6
% من المصروفات يذهب إلى الأجور والمرتبات بمبلغ قدره 36،6 مليار جنيه، وأن
الفوائد المستحقة على خزانة الدولة لخدمة القروض المحلية والدولية بلغت تقديراتها
25% من مصروفات الموازنة بمبلغ وقدره 133،6 مليار جنيه. فإذا نظرنا على ال 50%
المتبقية للمصروفات العامة نجد أن أكثر من نصفها بقليل يذهب إلى دعم السلع والخدمات
والمنتجات البترولية بواقع حوالى 27،3% من إجمالى الموازنة بمبلغ وقدره 145،8
مليار جنيه، وتنفق ال 10% من المصروفات فى شراء السلع والخدمات للجهات الحكومية.
أى أن ما يتبقى من الموازنة
لتمويل إستثمارات المرافق الأساسية يصل بالكاد إلى حوالى5% من إجمالى الموازنة
لتمويل مشروعات البنية الأساسية وهى تعتبر نسبة ضئيلة للغاية ولا تغطى إحتياجات
مصر للتنمية. ولذلك، فإنه لا غرابة فيما نشهده من سوء خدمات الطرق والصرف الصحى
والمياه والكهرباء، وضعف التنمية الإجتماعية والإقتصادية.
عرضنا المشكلة فما هو الحل؟ لا أمل فى تحقيق
التنمية الشاملة دون الإسراع بتنفيذ مشروعات البنية الأساسية، ولن تحقق الأخيرة
دون مشاركة القطاع الخاص فى تمويل وتشغيل مشروعات البنية الأساسية. ولم يعد هذا
الحل إلا الخيار الوحيد المتاح إن كنا جادين فى مشروع التنمية والإصلاح.
وأتوجه بنصيحة خالصة إلى
الصديق الدكتور/عبدالقوى خليفة الوزير المسؤل عن المرافق الأساسية، لا
تتعب نفسك كثيراً يا دكتور عليك فوراً ومن اليوم فى طرح المشروعات التى تحتاج
إليها على القطاع الخاص لكى يقوم بتمويلها وتشغيلها. ونفس النصيحة أقدمها إلى وزير
الكهرباء وخاصاً بشأن مشروعات محطات الكهرباء والطاقة المتجددة، فدور القطاع الخاص
فى التنمية لم يعد رفاهية. فطرح هذه المشروعات على القطاع الخاص بضمان حكومى يعنى
مواجهة العجز فى الموازنة الحكومية، ويعنى رفع قدرة الحكومة على إنشاء مشروعات
أساسية ومرافق حيوية دون إبطاء، ويؤدى إلى توجيه جزء أكبر من الموازنة إلى الخدمات
الإجتماعية كالتعليم والصحة، ويساعد فى تحسين مستويات أداء الخدمة ومواجهة
البطالة. ومع ذلك فإن نجاح هذه المشاركة له شروطه ومتطلباته، أولها ضرورة خلق
كوادر فنية حكومية رفيعة المستوى لدراسة الجدوى الإقتصادية والإجتماعية للمشروعات الواجب
طرحها، والتفاوض مع القطاع الخاص بما يحقق المصلحة العامة وتوجد وحدة متخصصة
لمشاركة القطاع الخاص فى مشروعات البنية الأساسية بوزارة المالية، وبها خبرات
وكفاءات متميزة، إلا أن هذه الخبرات لهذا النوع من المشروعات تكاد تكون منعدمة
داخل الوزارات الأخرى المسؤلة بشكل مباشر إنشاء هذه المشروعات وتشغيلها.
كما
أن ضمان جودة الخدمة والعدالة مقابل أدائها يقتضى دور هام وفعال للأجهزة الرقابية
والمعنية بهذه المرافق. ويجب أن تسعى الحكومة جاهدة إلى دعم هذا البرنامج وضمان
مسؤلية الجهات والأجهزة الحكومية المعنية على أن تكون الأولوية للطرق والكبارى
ومياه الشرب والصرف الصحى والكهرباء والطاقة المتجددة، وهى مشرعات لها جميعاً
مردود إقتصادى وإجتماعى، وكم أتمنى أن تتسع التجربة لتشمل بناء المدارس
والمستشفيات ولنا تجارب حديثة لا بأس بها ونحن هنا لا نخترع العجلة فقد سبقتنا فى
ذلك دول كثيرة علينا أن نستفيد من تجاربها.