الخميس، 28 أغسطس 2014

قناة السويس ليست للبيع أو الرهن

جريدة الاخبار - 28/8/2014


سعدنا جميعاً كمصريين بانطلاق تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة، والذي تبلغ تكلفته حوالي 60 مليار جنيه وأنا شخصياً علي ثقة تامة بأن هذا المشروع القومي العملاق سيتم تنفيذه بكفاءة وفي الموعد الذي أعلنه الرئيس.

وفي رأيي أن تمويل قناة السويس الجديدة من خلال إصدار شهادات استثمار وإن كان له بعض المحاذير والمخاطر التي سنتناولها إلا أنها فكرة ممتازة يستحق صاحبها –وهو في أغلب الظن محافظ البنك المركزي السيد/ هشام رامز-الشكر عليها.

فطبقاً لآلية التمويل المقترحة ستتلقي البنوك إيداعات نقدية من الجمهور والمستثمرين، ويقوم البنك بإصدار شهادة استثمار لصاحب الشهادة في مقابل المبالغ المسددة منه.

ويكون الغرض الوحيد من إصدار الشهادات هو تمويل قناة السويس الجديدة. وبعد ذلك تقوم البنوك بتحويل الأموال المودعة لديها لهذا الغرض؛ أي قيمة الشهادات لصالح هيئة قناة السويس. وتلتزم الهيئة بأن تسدد عائداً نقدياً سنوياً قدره 12% لأصحاب شهادات الاستثمار يدفع لهم عن طريق البنوك. كما تلتزم الهيئة في نهاية مدة الشهادة برد أصل قيمتها إلي صاحبها. وتضمن وزارة المالية كافة التزامات الهيئة.

ويتضح من ذلك أن البنوك لن تتحمل أية أعباء للتمويل. فالممول الحقيقي لقناة السويس الجديدة هو الجمهور والمستثمرون. 
ولا شك أن التمويل من خلال شهادات الاستثمار هو الأفضل بالنسبة لهيئة قناة السويس سواء من حيث التكلفة أو الوقت.  ومن وجهة نظر أصحاب الشهادات، فإن شهادات قناة السويس تعد استثماراً آمناً وتحقق عائداً سنوياً أعلي من أي عائد نقدي تسدده البنوك التجارية علي الودائع لديها.. ومع ذلك، فإن لشهادات استثمار قناة السويس بعض المخاطر والمحاذير الواجب تفاديها.

فإصدار هذه الشهادات سيؤدي لا محالة إلي سحب نسبة كبيرة إلي حد ما من الودائع النقدية المتاحة لدي البنوك التجارية نظراً لارتفاع العائد علي الشهادة وأمان الاستثمار فيها. ولنفهم حجم المشكلة، فإن سحب 30 مليار جنيه من الودائع النقدية وتحويلها للاستثمار في شهادات قناة السويس يعني بحسبة بسيطة سحب 50% من السيولة النقدية لدي البنوك التجارية والمتاحة للإقراض. فالمصدر الرئيسي للبنوك لتمويل أنشطتها هو الودائع النقدية لديها، فتقليل حجم هذه الودائع بشكل كبير من خلال توجيهها للاستثمار في شهادات قناة السويس سيؤثر حتماً علي السيولة النقدية المتوفرة لدي البنوك وقدرتها علي تمويل مشروعات قومية مستقبلية. ومن ناحية أخري، أزعجني كثيراً تصريح منسوب لرئيس الشركة القابضة للتأمين (وهي إحدي الشركات التابعة لوزارة الاستثمار) أعلن فيه عن دراسة شركات التأمين العامة المملوكة للدولة لشراء شهادات استثمار قناة السويس في حدود 16 مليار جنيه. وهو ما يعني الاستسهال من خلال الاستثمار في شهادات ذات عائد عالٍ بدلاً من الاستثمار طويل الأجل في مشروعات قومية وإنتاجية تساهم في النمو الاقتصادي، وهو أحد الأدوار الرئيسية للمؤسسات المالية غير المصرفية.

وللحد من المحاذير والمخاطر السابقة أقترح بشكل محدد علي السادة/ هشام رامز محافظ البنك المركزي وهاني قدري وزير المالية وأشرف سلمان وزير الاستثمار والفريق/ مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس ألا تزيد قيمة شهادات الاستثمار المصدرة بالجنيه المصري عن ثلاثين مليار جنيه علي أقصي تقدير آخذاً في الاعتبار أن هناك جزءاً من التمويل سيتم بالدولار الأمريكي إضافة إلي قدرة الهيئة علي تمويل جزء من المشروع بالتمويل الذاتي. وطبقاً للعرف المصرفي، فإن تمويل المشروعات يتم عادة بنسبة 60-70% من خلال الديون، بالجنيه المصري والدولار علي أن يتم تمويل 30-40% من خلال الموارد الذاتية لصاحب المشروع. ومزية هذا الاقتراح إن كان له جدوي هو الحد من سحب السيولة النقدية المتوفرة لدي البنوك التجارية، وعدم إضعاف قدرتها علي تمويل مشروعات جديدة.

وأدعو السيد/ أشرف سلمان وزير الاستثمار إلي إصدار تعليمات مشددة بألا تزيد استثمارات شركات التأمين العامة في شهادات استثمار قناة السويس عن 10% من إجمالي قيمة الشهادات علي أقصي تقدير، وهو ما يعادل 3 مليارات جنيه إذا افترضنا أن إجمالي قيمة الشهادات في حدود 30 مليار جنيه. فشركات التأمين ستوفر السيولة المطلوبة إما من سحب جزء من ودائعها البنكية أو تسييل جزء من محافظها في البورصة وفي الحالين سيؤثر ذلك سلباً علي القطاعين المصرفي وسوق المال لو لم يكن الأمر محسوباً بشكل جدي، كما أن هناك حاجة ماسة لتوفير جزء من الأموال المتاحة لدي شركات التأمين العامة لاستثمارها في مشروعات قومية أخري جديدة وخاصة تلك المتعلقة بالطاقة البديلة.

فإذا تمكنت الحكومة والبنك المركزي من تفادي المحاذير السابقة، ستكون فكرة إصدار شهادات استثمار قناة السويس من الأفكار الرائدة في تمويل المشروعات القومية ومن أجدي آليات التمويل. ويمكن طرح شهادات الاستثمار في المستقبل للتداول في البورصة لتوفير السيولة النقدية اللازمة وتشجيع الادخار لاستخدمها كمرجعية سعرية لتطوير سوق السندات وصكوك التمويل.اللينك
استمع الي مقالي عبر اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم اللينك

الاثنين، 25 أغسطس 2014

حوار المستقبل

جريدة الاخبار - 20/8/2014

أستطاع مشروع تنمية محور قناة السويس أن يأخذنا للغد بعد أن استقر فى وجدان المصريين أن المشروعات الكبرى تبنى المستقبل والتاريخ الحديث يؤكد هذا الشعور لدينا جميعا فمن شق قناة السويس هم المصريون ومن بنى السد العالى هم المصريون ومن قام بأعادة صياغة الدولة وقوانينها لتصبح من أعرق الدول فى النظم القانونية والإدارية هم المصريون، تلك الشواهد الراسخة بداخلنا جعلت من مشروع القناة الجديد أملاً نصعد به للمستقبل ومن هنا أصبح الحديث عن المشروع وحصاد التنمية الأقتصادية الذى ينتظر مصر بعد الانتهاء منه هو الشغل الشاغل للمصريين، وكان بداية حوارى مع جريدة أخبار اليوم بعد اعلان التحالف الفائز ودور هذا التحالف فى المرحلة المقبلة ، ولأننى مسئول عن الملف القانونى لمشروع تنمية محور قناة السويس فإن إجابتى عن السؤال كانت محددة فالتحالف سيكون المستشار للحكومة المصرية  وهيئة قناة السويس فيما يتعلق بأعداد المخطط العام وسيتولى إعداد الدراسات اللازمة لتطوير وتنمية المنطقة، وذلك فى فترة لا تتجاوز 6 أشهر يطرح بعدها المشروع على المستثمرين فى جميع المجالات الصناعية والتجارية والسياحية واللوجستية، وذلك بالتوازى مع البدء فى تنفيذ البنية التحتية والفوقية للمشروع .
ولأن المشروعات الكبرى رغم أهميتها لا تغنى عن عمل موازى لتحقيق التنمية المستدامة  سألتنى الجريدة عن العدالة الاجتماعية، والحقيقة ان مفهوم العدالة أعمق بكثير فالعدالة تعنى حق المواطن فى الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية والسكنية والعمل، وهنا لا يمكننى النظر إلى العدالة بدون أن تكون عيونى على تحقيق طفرات أقتصادية تساهم فى زيادة موارد الدولة حتى تتمكن الدولة من توفير الخدمات الأساسية لموطنيها ، وعلينا أن نضع خط أحمر تحت المشروعات الصغيرة التى توفر فرص عمل كثيرة والأهتمام بالسياحة التى تلتهم قطاع كبير من العمالة فى كافة القطاعات.
سألتنى الجريدة عن مشكلة الكهرباء وهل هناك مشروعات مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص لإنتاج الكهرباء، وجاءت إجابتى السؤال بالتفصيل فى هذا الحوار

الخميس، 14 أغسطس 2014

الأيادي المرتعشة لاتزال مرتعشة


جريدة الاخبار - 14/08/2014

لابد من تعديل المواد الخاصة بقانون العقوبات بجريمتي التربح، والإضرار بالمال العام بإضافة نص جديد يحول دون معاقبة الموظف العام بشأن تربيح الغير أو الإضرار بالمال العام، ما لم يكن سلوكه مقروناً برشوة


إن مواجهة الأزمات واقتحام المشكلات التي تواجهها مصر يستلزم قرارات إدارية وحكومية حاسمة. وللأسف فإن الجهاز الحكومي لا يزال يعاني من التردد في اتخاذ قرارات إدارية ضرورية للإصلاح علي كافة المستويات، فلا يزال استصدار التراخيص وتجديد العقود مغامرة يتجنبها المسئولون كلما أمكنهم ذلك، ولا يزال البعض يفضل الارتكان إلي القضاء لحسم المنازعات مهما كان الثمن ومهما كان حجم الإضرار بالمال العام. ولا شك أن هناك أسبابا لذلك منها عدم انضباط الإطار التشريعي بشأن المساءلة الجنائية في جرائم المال العام، وعدم اتخاذ أية إجراءات إصلاحية حقيقية لمعالجة القصور القائم في النظم الإدارية الحالية بشأن التصرف في الأراضي ومنح التراخيص ومعالجة الآثار القانونية للإخلالات التعاقدية ناهيك عن المزايدة السياسية والإعلامية فكل هذا جعل ولا يزال العديد من المسئولين غاية في التردد خشية المحاكمة الجنائية والتحرش بهم من قبل الرأي العام.


لقد اتخذت الحكومة الحالية بعض الخطوات الإيجابية ولكن لا تزال هناك إجراءات إضافية واجبة وأضع هنا أمام المسئولين، عدداً من الآليات العاجلة بعضها تشريعي وبعضها الآخر إداري وتنظيمي لعلها تفيد في حل ما نواجهه من أزمات.


لابد من تعديل المواد الخاصة بقانون العقوبات بجريمتي التربح، والإضرار بالمال العام بإضافة نص جديد يحول دون معاقبة الموظف العام بشأن تربيح الغير أو الإضرار بالمال العام، ما لم يكن سلوكه مقروناً برشوة فأية مخالفات قد يرتكبها الموظف العام في هذا الإطار ما لم تكن مقرونة برشوة أو منفعة تعود عليه أو علي ذويه، فإنها لا تعد جريمة جنائية. إن الإفراط في الاتهامات الجنائية لن يحقق أية حماية للمال العام وجدير بالذكر، أن التعديل الذي نقترحه لا يتضمن مساساً بالمال العام، فالمادة 116 مكرر (أ) من قانون العقوبات تعاقب بالحبس كل موظف عام يتسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بالمال العام إذا كان ذلك ناشئاً عن إهمال في أداء وظيفته أو إساءة استعمال السلطة. كما أن هناك عديداً من المواد الأخري التي تحافظ علي المال العام إلا أن نصوصها وأحكامها جاءت أكثر انضباطاً من المادتين (115) و(116 مكرر) من قانون العقوبات.


ولابد من تغليط العقوبات الإدارية والمدنية علي الأخطاء، والمخالفات الإدارية التي يترتب عليها الإضرار بالمال العام حتي ولو كانت مصحوبة بحسن النية بما فيها العزل من الوظيفة وهو يقتضي كذلك تفعيل قانون محاكمة الوزراء لمساءلتهم السياسية حال ارتكابهم أخطاء جسيمة في مباشرة عملهم لا ترتبط بجرائم جنائية فالمسئولية الإدارية والمدنية واجبة حتي ولو انتفت المسئولية الجنائية.


كذلك لا يجوز التجريم الجنائي للمخالفات التعاقدية، ما لم تكن هذه المخالفات مقرونة بارتكاب جريمة كالتزوير. أما التأخر في التنفيذ أو السداد فهو يثير المسئولية المدنية والإدارية.


ويجب تغليظ العقوبة علي جرائم البلاغ الكاذب المتصلة بجرائم العدوان علي المال العام، فلا يجب أن نترك الحبل علي الغارب لتشويه السمعة، والتأثير السلبي علي العمل الحكومي، فهذا هو عين الإضرار بالمال العام.


كما يجب تكليف الوزارات المعنية، وبخاصة الزراعة والبترول والإسكان والصناعة والسياحة بتنقيح لوائحها، ونظم العمل بها مما يشوبها من فساد وبيروقراطية وغموض، خاصة ما يتعلق بطرق التعاقد، وتسعير الأراضي، والالتزامات المالية؛ علي أن يعرض الأمر علي مجلس الوزراء والأجهزة الرقابية المختصة والرأي العام خلال شهر لعرض ما تم اتخاذه من إجراءات ومبرراته لضمان الشفافية وحماية المال العام.

ولابد من عادة النظر في طرق آليات عمل الأجهزة الرقابية، وبخاصة الرقابة الإدارية، والجهاز المركزي للمحاسبات، وأهدافها، وطرق تقييم أدائها، مع تفعيل تقاريرها ومناقشتها علانية ويجب تفعيل مشاركة ممثلي هذه الجهات في أية تعديلات تشريعية تتعلق بالمسئولية والمحاسبة الإدارية، والتعامل مع ملاحظاتها وتوصياتها بالجدية الكافية.

وعلي رئيس الحكومة تكليف وزير العدل بإعادة هيكلة إدارة الخبراء بالكسب غير المشروع، وإعادة التدريب، وتكريس الاستقلالية، ذلك إذا كنا جادين في تحقيق العدالة أمام المحاكم.

كما يجب كذلك تفعيل دور لجنة فض المنازعات بهيئة الاستثمار، ولجنة تسوية عقود الاستثمار، والتعامل مع ما يعرض عليها بشكل فوري وحاسم، والإفصاح عن قراراتها وآلية العمل بها، وتمثيل الأجهزة الرقابية بهذه اللجان لفترة انتقالية لحين تسوية كافة المنازعات القائمة خلال عام علي الأكثر. ويجب الإعلان عن كافة هذه المنازعات وظروفها وأسبابها، وقرارات هذه اللجان.

فأخيراً، إن التواصل مع الرأي العام والإعلام بشكل صحيح أمر ضروري. فيجب الإعلان عن كافة المعلومات بشكل دقيق ودوري، ويجب أن تكون هذه المعلومات صحيحة وكافية، وأن تصدر في الوقت المناسب. فالثقة لا تنشأ إلا بالتواصل والشفافية.
 اللينك


استمع الي مقالي عبر اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم اللينك

الخميس، 7 أغسطس 2014

الخطـــايا العشــــــر ٢/٢


جريدة الاخبار - 7/8/2014

فتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ودعم دورها الاقتصادي مشروع قومي بمعني الكلمة يحمل في طياته تشغيل خمسمائة الف شاب سنويا،


في الجزء الأول من هذا المقال المنشور الأسبوع الماضي  استعرضنا خمس من الخطايا العشر الكفيلة أيا منها أن تفشل محاولات الاصلاح بل افشال الدولة كلها.. 

واليوم نستكمل استعراض الخطايا الخمس الأخري والتي نضعها تحت يد صانع القرار السياسي ونحن مقبلون علي مرحلة فاصلة في تاريخ مصرنا الحديثة.



الخطيئة السادسة: الإخفاق في خلق نجاحات حقيقية وسريعة علي المدي القصير.. ان التحول والاصلاح الجذري مسألة متشابكة ومعقدة وتأخذ وقتا طويلا حتي يدرك الناس آثارها الايجابية، وقد يفقد صانع القرار تأييد الشعب له وصبرهم عليه خلال عملية الاصلاح، وهو ما قد يؤدي إلي التراجع عن سياسات الاصلاح في منتصف الطريق ومن ثم يجب ان يكون لخطة الاصلاح الاقتصادي اهداف قصيرة الاجل ويمكن تحقيقها وتلمس نتائجها سريعا فلن يقبل غالبية الناس السير في طريق الاصلاح الصعب الي نهايته ما لم يشهدوا دلالة واضحة خلال عام علي الاكثر، ان رحلة الاصلاح الي نهايتها ستؤدي إلي النتائج المرجوة منها وستحقق اهدافها، بدون خطة عاجلة لتحقيق نجاحات علي المدي القصير سينسحب الكثير من المؤيدين وقد ينقلب جانب كبير منهم إلي المعارضة ومقاومة التغيير.


الخطيئة السابعة: الإعلان عن تحقيق نجاحات وانتصارات قبل الأوان.. إن الاعلان عن انتصار الخطط الاصلاحية الشاملة عند اول تحسن هيكلي ملموس خطأ جسيم، فاكتمال عملية الاصلاح الاقتصادي الشامل وجني ثمارها قد يستلزم عشر سنوات علي الاقل. وتحقيق بعض الانجازات في بدء مشوار الاصلاح هو مكسب تكتيكي وليس استراتيجيا، فالاكتفاء بتحقيق بعض النجاحات بعد مجهود مضني خلال العامين الاولين لعملية الاصلاح معناه العود علي ذي بدء فلا مجال لعودة القوات إلي قواعدها قبل انتهاء المعركة برمتها ونجاحها.


الخطيئة الثامنة: إهمال العمل علي تغير ثقافة المجتمع للإيمان بضرورة الاصلاح ومزاياه

التغيير لا يمكن تحقيقه واستمراره ما لم يصبح الاصلاح آلية تحقيق اهداف المجتمع ونمط حياته. فما لم يصبح الاصلاح والتغيير الي الافضل سلوكا اجتماعيا يضرب بجذوره في المجتمع، فإن نتائج الاصلاح اشبه بشجرة غير ثابتة يمكن اقتلاعها في اول هبة اجتماعية او سياسية وتجذير ثقافة التغير داخل المجتمع لن تحقق ما لم يتم العمل الجاد نحو ادراك المجتمع ان السياسات الاصلاحية هي التي تعين الناس علي تحسين اوضاعهم وسيرها في الطريق الصحيح.


الخطيئة التاسعة: التركيز علي الاصلاح الاقتصادي علي حساب سياسات الاصلاح الاجتماعي.. ان سياسات الاصلاح الاقتصادي ليست غاية في ذاتها بل هي وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية داخل المجتمع، ومن ثم فإن الاصلاحين الاقتصادي والاجتماعي أمران متلازمان، فكل السياسات الاقتصادية يجب صياغتها وادارتها علي نحو يصب في طريق العدالة الاجتماعية. فتحرير الاقتصاد يستوجب معه نظام دقيق للتنافسية والرقابة ومنع الاحتكار وحماية المستهلك ورفع مستوي أداء الخدمات الحكومية وتطوير منظومة الدعم النقدي والتأمينات الاجتماعية وضمان البطالة وتعضيد دور المنظمات العمالية. كذلك يجب الاسراع بانجاح السياسات الاقتصادية ذات المردود الاجتماعي السريع فتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ودعم دورها الاقتصادي مشروع قومي بمعني الكلمة يحمل في طياته تشغيل خمسمائة الف شاب سنويا، ومن شأن نشر ثقافة زيادة الاعمال داخل المجتمع وتعظيم الصادرات المصرية.. وهكذا.. فإهمال الدولة الاجتماعية او التعامل معها بمعزل عن سياسات الاصلاح الاقتصادي خطأ كارثي.


الخطيئة العاشرة: إهمال الإصلاح المؤسسي للأجهزة الحكومية.. يدرك القادة - عادة - عدم صلاحية جهازهم التنفيذي للقيام بمهام الاصلاح وتنفيذ المشروعات الكبري بالسرعة المطلوبة، كما يدركون كذلك فساد المنظومة الحكومية وهو ما يجعل الكثير من القادة خلال عملية الاصلاح والالتجاء إلي نظم ادارية متوازية او اسناد ملفات بعينها إلي جهات ومؤسسات حكومية اخري اكثر كفاءة رغم ان هذه الملفات لا تدخل في نطاق عملها ومهامها الاساسية.


وعلي الرغم من ان سياسة الادارة الموازية او البديلة تعد ضرورة لا يمكن تجنبها، الا ان مكمن الخطورة في هذه السياسة هو تعميق سياسات الجزر المنعزلة داخل اجهزة الدولة الي جانب خلق مقاومة داخلية تعمل علي افشال السياسات الاصلاحية.

ولذا علي القيادة السياسية العمل علي أمرين خلال المحصلة الاصلاحية اولها تطعيم الجهاز الحكومي بكفاءات قيادية الي جانب كفاءات في قواعد هذه الاجهزة وصفه الثاني تكون جزءً لا يتجزأ من عملية الاصلاح وصنع القرار. اما الأمر الثاني فهو قيادة عملية الاصلاح المؤسسي بشكل متوازٍ مع الاصلاح الاقتصادي علي الرغم من صعوبة المهمة.

نحن قادرون علي تحقيق الاصلاح، ولدينا مقومات النجاح، ولكن يقتضي ذلك ان نتفادي اخطاء سبق ان وقعنا فيها في الماضي القريب... اللينك
استمع الي مقالي عبر اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم اللينك