الخميس، 7 يوليو 2016

ليليان داود .. من الجاني ومن المجني عليه؟

جريدة الاخبار - 6/7/2016

بينما كانت الطائرة في طريقها إلي الإقلاع من ألمانيا متوجهة إلي طريق العودة إلي الوطن تلقيت علي تليفوني رسالة مقتضبة تتضمن خبر «القبض علي ليليان داود» التي لا أعرفها معرفة شخصية، وإن ظهرت معها في برنامجها لمرة واحدة منذ أكثر من أربعة أعوام تقريباً... انزعجت للخبر لأن القبض علي أي إعلامي أو صاحب رأي خبر مزعج... بعد أن وصلت الطائرة إلي مطار القاهرة بدأت تتضح معالم القصة... كان من الواضح أن إقامة «ليليان داود» التي تحمل الجنسيتين اللبنانية والبريطانية قد انتهت، وامتنعت السلطات المصرية عن التجديد منذ فترة، رغم أنها كانت تعمل بقناة أون تي في، وعلي الرغم من أنها تقيم في مصر منذ أكثر من عشر سنوات، وأن ابنتها مصرية تبلغ من العمر عشر سنوات... يبدو مما نشر في الصحف، أنها استدعيت من الإدارة الجديدة لقناة أون تي في، وأبلغت بإنهاء عقدها معها، وبعد ساعات معدودات من عودتها إلي منزلها في الزمالك داهم منزلها ثمانية - حسب روايات الصحف - من رجالات الأمن الأشداء، وطلبوا منها مغادرة مصر فوراً لانتهاء إقامتها وعقد عملها، وأمروها أن تغادر البلاد دون ابنتها الوحيدة وتتركها خلفها، ودون أي حق في الاعتراض القانوني، ودون أن تصطحب أية متعلقات شخصية، ودون الحق في الاتصال تليفونياً بأحد، وتم تخييرها بين السفر إلي لبنان أو إلي بريطانيا التي تحمل جنسيتهما، وقد اختارت السفر إلي لبنان... ربما يكون لـ «ليليان» خطها الإعلامي أو الفكري غير المرضي عنه، ومن حق الإدارة الجديدة أن تنهي علاقة العمل مع أي من مذيعيها أو ممن لا تتفق آراؤهم مع وجهة نظر القناة أو توجهها، ولا شك من حق الدولة أن تُرحل من انتهت إقامته».


لن أناقش أياً من هذه الأمور رغم أنها تحتاج إلي المناقشة... ولكن للأسف وللمرة المليون، فإن الطريقة التي تم التعامل بها مع هذه القضية دلالة علي الفشل وعلي الإصرار علي الإساءة إلي مصر وسمعتها، وذكرني التعامل الأمني مع هذه الواقعة بما سبق أن حدث مع المهندس صلاح دياب منذ عدة أشهر!! نفس التخبط ونفس النهج العقيم الضار بسمعة مصر ومصداقيتها، نفس النهج المتخلف الذي تم التعامل به مع قضية «روجيني»... لا شك أن الطريقة التي تم التعامل بها مع «ليليان» من وجهة نظر من أعطي الأمر ومن قام بالتنفيذ، أنها يجب أن تكون عبرة لأي إعلامي يتخذ خطاً منفرداً أو ينطق بكلام تعتبره السلطات من باب التكدير للأمن العام، ولكن ما فات هؤلاء العباقرة أن طريقة التعامل كان بها قدر من المبالغة والتنكيل بأصحاب الرأي بشكل غير مفهوم، كان يمكن التعامل بشكل حضاري مع المسألة يليق بمصر، وبطريقة أكثر هدوءاً وأكثر عقلانية وأكثر إنسانية... لايزال بيننا من يتعامل بنظرية «الدبة اللي قتلت صاحبها»... ففي واقعة المهندس صلاح دياب أراد صاحب القرار وإخراج عملية القبض عليه التنكيل بكل من يختلف من رجال الأعمال مع الدولة، فكانت النتيجة الإضرار البالغ بمناخ الاستثمار في مصر، وإرسال رسالة تعيسة بالغة السوء إلي كل من تسول له نفسه بالاستثمار والتعبير عن رأيه في ذات الوقت، وخرج صلاح دياب، وتمت تسوية الأمر ولكن الضرر الناجم عن هذه التصرفات غير المدروسة لانزال ندفع ثمنه حتي هذه اللحظة، نفس الأمر حدث في التعامل مع واقعة «ليليان داود»، ويتم تصوير مصر وتصديرها علي أنها مثال للقمع والاستبداد، وبعدم وجود أي رحمة في التعامل مع كل من يختلف في الرأي، للأسف الشديد لا نتعلم من الدرس، وسأظل أعيد وأزيد وأكرر... التعامل مع قضايا الرأي ومع الأمور السياسية يكون بالسياسة وليس بالقمع الأمني... القمع الأمني يوحد أعداء الأمس، ويوجد الخصوم السياسيون، ويشعل الغضب المكبوت... المجني عليه نتيجة هذه التصرفات هو مصر!! متي نتعلم... لا أعلم؟

ملحوظة : المقال كان مقدرا له النشر الخميس الماضي وتأجلت الصفحة لضيق المساحة. اللينك
استمع الي المقال على ساوند كلاود.. اللينك

0 التعليقات:

إرسال تعليق