الخميس، 17 ديسمبر 2015

5 مطبات تواجه د. أحمد درويش

جريدة الاخبار - 17/12/2015

إن نجاح التنمية الاقتصادية لمنطقة قناة السويس سيساهم في تحقيق التنمية الشاملة لمصر بأكملها.

لو أحسنّا استغلال المقومات الحالية للمشروع -من موانئ بحرية وبنية أساسية وظهير صناعي نستطيع خلق 50 ألف فرصة عمل سنوية خلال ثلاث سنوات من الآن، قابلة للزيادة إلي 100 ألف فرصة عمل سنوية خلال الخمس سنوات التي تليها. فتنمية المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تعني المساهمة بما لا يقل عن 25% من إجمالي نسبة النمو الاقتصادي المستهدفة خلال الخمس سنوات القادمة علي مستوي الاقتصاد القومي ككل، وجذب استثمارات مباشرة بالعملة الأجنبية في هذه المنطقة بما لا يقل عن 3 مليارات دولار أمريكي سنوياً خلال السنوات الخمس الأولي من عمر المشروع وسوف تصبح مصر رقماً صحيحاً في التجارة العالمية.

ومهمة د. أحمد درويش وزير التنمية الإدارية الأسبق ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس؛ ليست مهمة سهلة، ولكنها ليست مستحيلة. وأُلفِت انتباهه إلي أن الحكومة السابقة قد وضعت -عن غير سوء قصد -بعض المطبات من شأنها أن تبطئ قليلاً من سرعة انطلاق سيارة التنمية والتطوير في هذه المنطقة، وإن كانت هذه المطبات قابلة للإزالة.

أول هذه المطبات يتعلق بتمويل أنشطة التنمية وإرساء البنية الأساسية والمؤسسية للهيئة الجديدة. فتطوير المنطقة والتخطيط الفني والإداري لها، وتشجيع الاستثمار الصناعي واللوجستي والخدمي والعقاري بل والسياحي بها، وتقديم كل الخدمات الحكومية داخلها يقتضي توفير موارد مالية كبيرة منذ اليوم الأول. وقد كان من المقترحات المقدمة لحكومة المهندس/ إبراهيم محلب أن يتضمن قرار إنشاء الهيئة موافقة مجلس الوزراء علي تخصيص 2 مليار جنيه سنوياً لمدة 10 سنوات من إيرادات هيئة قناة السويس لاستخدامها في أغراض تنمية المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وقد سبق لحكومة د. حازم الببلاوي اتخاذ قرار مشابه. الهدف من هذا الاقتراح هو تفادي المعوقات التي سبق أن واجهتها الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية بشمال غرب خليج السويس، فنتيجة عجز الحكومة في ظل رئاسة المرحوم الدكتور عاطف عبيد ومن بعده الحكومات اللاحقة عن توفير 300 مليون جنيه عجزت هذه الهيئة لمدة عشر سنوات عن تنفيذ أي من المهام المنوط بها، ولم تتمكن الدولة لمدة تزيد عن عشر سنوات من تنمية وتطوير الاستثمار في منطقة لا تتعدي مساحتها 5كم2 وليس 461كم2 هي مساحة منطقة قناة السويس الجديدة. وللأسف الشديد رفض وزير المالية السيد هاني قدري. أرجو من الحكومة الحالية برئاسة المهندس شريف إسماعيل إعادة النظر في هذا الاقتراح، أو العمل علي توفير موارد بديلة ضخمة لهذه الهيئة لكي تنجح، فالتمويل المستدام شرط لنجاح التنمية المستدامة.

أما المطب الثاني فيتعلق بهيكل الهيئة ذاتها المعنية بتطوير المنطقة. وكان مشروع قرار إنشاء الهيئة المقدم إلي رئيس مجلس الوزراء يقترح إنشاء هيئة جديدة غير مكبلة بأية أعباء حكومية، وإنشاء إطار مؤسسي وتنظيمي وهيكلي يعتمد أهم المبادئ الحديثة في الإدارة، ويتم بعد ذلك نقل ودمج أية هيئات قائمة علي الهيكل الجديد وفي التوقيت الذي تراه الإدارة التنفيذية للهيئة الجديدة ملائماً. إلا أن الحكومة السابقة كان لها رأي مختلف فقررت عدم إنشاء هيئة جديدة، واستخدام الهيئة القائمة في ذلك الوقت المسماة بالهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لشمال غرب خليج السويس، وبها حوالي 190 موظفاً، ولها مقرها بجوار ميناء العين السخنة بدلاً من إنشاء هيئة جديدة. وبناء عليه تم تغيير «يافطة الهيئة» فأصبح اسمها «الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس» بدلاً من «الهيئة العامة لشمال غرب خليج السويس». وهو ما يعني دخول رئيس الهيئة الجديد علي نظام إداري ونظام حكومي قائم لم يحقق النجاح المنشود لتنمية 5كم2 علي مدار أكثر من 10 سنوات، والمطلوب الآن أو المتوقع منه إنجاح تنمية 461كم2 بذات الجهاز!!!

أما المطب الثالث فهو الإصرار علي عدم النص بوضوح علي نقل تبعية الموانئ البحرية الستة بكل عامليها ولو بعد فترة انتقالية إلي الهيئة الجديدة، وهذه هي الفلسفة الأساسية التي بني عليها قانون المناطق الاقتصادية، فتعدد التبعيات ينذر بتنازع كبير في الاختصاصات، وغموض في عمليات التطوير والإدارة والرقابة علي هذه الموانئ.

أما المطب الرابع فيتصل بالمعاملة الضريبية. فقد كان قانون المناطق الاقتصادية الخاصة قبل تعديله يتضمن النص علي ضريبة مخفضة قدرها 10% علي أرباح المشروعات المنشأة في المنطقة، وذلك بقصد جذب الاستثمار، وفرض ضريبة كسب عمل قدرها 5% علي المرتبات والأجور لجذب العاملين لهذه المناطق. وتتفق هذه السياسة مع ما هو معمول به في كافة دول العالم التي طبقت هذه النظم وحققت نهضة وطفرات في بدايات المشروعات. وكان المقترح علي الحكومة الاستمرار بهذه المعاملة الأفضلية من الناحية الضريبية خلال الخمس سنوات الأولي من عمر المشروع لتشجيع الاستثمار بشكل سريع، ثم تبدأ الزيادة التدريجية في المعاملة الضريبية بحيث تزاد من 10% إلي 15% بعد أول خمس سنوات، ثم تزاد إلي 22.5% في السنة العاشرة من عمر مشروع التنمية. إلا أن وزير المالية كان له رأي آخر أقنع به الحكومة السابقة، وهو زيادة سعر الضريبة في هذه المناطق من 10% إلي 22.5% منذ اليوم الأول، وإلغاء أية مزايا ضريبية بشأن أرباح الشركات أو مكافآت ومرتبات العاملين. فالمنطقة الاقتصادية تبدأ الآن نشاطها بدون مزايا ضريبية، وبمزايا غير ضريبية أقل من تلك المنصوص عليها في قانون الاستثمار.فهذا المطب يجعل تسويق الاستثمار أكثر صعوبة مع منافسينا.

أما المطب الخامس فيتعلق بحظر التملك للأراضي داخل المنطقة الاقتصادية، حتي ولو كان الاستثمار يتعلق بالتنمية العقارية، وهو ما يحول دون تطبيق التمويل العقاري للمشروعات السكنية، أو نظام التأجير التمويلي في المشروعات الصناعية. ولا شك أن في ذلك عبئا كبيرا علي سرعة التوسع وتمويل هذه المشروعات. وللأسف كان من المقترحات المقدمة للحكومة أن يتم تسجيل قرار رئيس الجمهورية بالمنطقة الاقتصادية بإيداعه في الشهر العقاري، مما يسهل بعد ذلك إجراءات تسجيل حقوق الانتفاع للمستثمرين، ورهن المباني للبنوك، إلا أن قسم التشريع بمجلس الدولة ارتأي عدم الضرورة لهذا التعديل، أعتقد أن هذه المسألة قد تمثل عائقاً لتمويل المشروعات في المستقبل.كما أن هناك أراضي في شرق بورسعيد وفي العين السخنة سبق بيعها وتم تسجيل ملكيتها للقطاع الخاص، وهو أمر يخلق مشكلة في المنافسة بين المستثمرين، ففي حين بعضهم ستكون لديه أرض مسجلة يستطيع بسهولة الحصول علي تمويل بشأن مشروعه، سيكون المستثمر بجواره ليس لديه ذات الميزة، كما أن بعض المطورين الصناعيين سيسوقون الأراضي بنظام الانتفاع، في حين أن منافسيهم سيسوقون لأراضي بنظام الملكية، وهو ما قد يؤثر سلباً علي معدل التنمية في المنطقة.

هذه هي المطبات الخمسة الأصعب في رأيي، ويمكن تجاوزها ولكن يجب إمعان التفكير فيها، فهناك أمور أخري يجب تجاوزها أيضاً منها نظم الجمارك الخاصة بالمنطقة ونظمها الضريبية، فعلي الرغم من مرور أكثر من عشر سنوات علي إنشاء المنطقة الاقتصادية لشمال غرب خليج السويس لم يصدر وزير المالية القواعد المتعلقة بنظام الجمارك الخارجية بها، أرجو ألا ننتظر عشر سنوات أخري لإنشاء النظم الجمركية للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.


كما ترون معظم المطبات السابقة هي مطبات من صنع أيدينا، كان يمكن أن نتفادها... ولكن للأسف نعيب الزمان والعيب فينا!! اللينك
استمع الي المقال عبر منصة اقرأ لي.. اللينك

0 التعليقات:

إرسال تعليق