الخميس، 22 يناير 2015

عدلوا قانون الاستثمار الحالي ولا تبدلوه

جريدة الاخبار- 22/1/2015

القانون رقم 83 لسنة 2002، هذا القانون صدر منذ أكثر من (13) عاماً. وأدعي أنه من أفضل ما صدر في تاريخ مصر الحديثة من تشريعات لتشجيع الاستثمار، ويتفادي كل معوقات الاستثمار التي نعاني منها..

يظن الكثيرون أن مشاكل الاستثمار الحالية ومعوقاته؛ تنحصر في سوء القوانين واللوائح القائمة المنظمة له. وهذا جزء من الحقيقة ولكنه ليس الحقيقة كلها؛ فالمشكلة الأساسية للاستثمار في مصر تكمن في عدم تطبيق القوانين وإنفاذها وتعطيلها دون وجه حق.


فعلي سبيل المثال؛ الجميع يطالبون بحوافز إضافية للشركات التي تساهم في التصدير، أو تعتمد في تمويل مشروعاتها علي مواردها من النقد الأجنبي، ولا يعلم الغالبية أن قانون الاستثمار الحالي في المادة (62) منه يجيز هذه الحوافز. وأن هناك قرارا جمهوريا هو القرار رقم (30) لسنة 2005 قد صدر في عام 2005 –أي منذ عشر سنوات -بشأن تحديد حوافز وتيسيرات إضافية للشركات التي تساهم بأنشطتها في دعم الاقتصاد الوطني، ومن هذه الحوافز الإضافية تخصيص الأراضي اللازمة لمباشرة الشركات المشار إليها لنشاطها بالمجان أو بمقابل رمزي، إضافة إلي تحمل الدولة كلياً أو جزئياً قيمة تكلفة مد الخطوط والشبكات الرئيسية إلي حدود موقع مشروع الشركة. والمفاجأة أن المادة (62) من قانون الاستثمار الصادر سنة 1997 –أي منذ أكثر من 18 عاماً-والقرار الجمهوري الصادر منذ أكثر من عشر سنوات؛ لم يتم تفعيلهما حتي الآن. ولا تفرق الدولة فيما تقرره من حوافز بين مشروعات مصدّرة وتجلب عملة أجنبية، ومشروعات لا تحقق ذلك. ولا تفرق الحكومة بين شركة تدرب العمالة المصرية وترقيهم وشركة لا تفعل ذلك.

وهناك مثال آخر، فالمادة الخامسة من مواد إصدار قانون الاستثمار الحالي تنص علي أنه لا يجوز إجراء أي تعديل علي مساحات الأراضي المعروضة علي المستثمرين أو أسعارها بعد الإعلان عنها، ولا يجوز تعديل الأسعار أو إضافة رسوم تحسين إلي هذه الأسعار. فهذا النص لا يسمح للحكومة بأن تعدل أسعار الأراضي، ولا أن تتلاعب بها... فأين ذلك من الواقع المؤلم الحالي؟ والذي في ظله قامت الدولة بإعادة التفاوض، وتعديل الأسعار في المئات من الحالات من جانب واحد؟ فالمشكلة ليست في الحوافز والنصوص التشريعية القائمة بل في مدي احترام القوانين وتنفيذها. فلا يستغرب أحد بعد ذلك حين يعرف أن ترتيب مصر في احترام العقود وإنفاذ القوانين جاء رقم (152) علي مستوي دول العالم البالغ عددها (183) دولة وفقاً لتقرير البنك الدولي الصادر عن مناخ الاستثمار في مصر عام 2015.

فالعيب ليس بالضرورة في القوانين أو غموضها أو سوء صياغتها، بل هو في الغالب نتيجة عدم تنفيذ واحترام هذه القوانين. فقانون الاستثمار الحالي ليس معيباً، ولا نحتاج إلي قانون جديد، بل نحتاج إلي تفعيل نصوصه واحترامها، مع إدخال بعض التعديلات اليسيرة عليها.

هل تعلمون أن هناك قانونا اسمه قانون المناطق الاقتصادية الخاصة، هو القانون رقم 83 لسنة 2002، هذا القانون صدر منذ أكثر من (13) عاماً. وأدعي أنه من أفضل ما صدر في تاريخ مصر الحديثة من تشريعات لتشجيع الاستثمار، ويتفادي كل معوقات الاستثمار التي نعاني منها... والمفاجأة أن هذا القانون لم يتم تفعيله بشكل جدي منذ صدوره عام 2002 وحتي الآن لأسباب لا يعلمها إلا الله.

ما نحتاج إليه من تعديلات تشريعية علي قوانين الاستثمار الحالي لا تخرج في رأيي عن التعديلات الآتية:

تمييز المشروعات التي تدعم الاقتصاد الوطني والنقد الأجنبي والتشغيل والاستثمار في صعيد مصر؛ بحزمة حوافز إضافية موجودة بالفعل في القوانين والقرارات القائمة.
حل مشاكل تخصيص الأراضي، وخطوة البداية هي وضع خريطة شاملة للأراضي القابلة للاستثمار؛ سواء كانت صناعية أو زراعية أو خدمية في جميع محافظات مصر، وموقف المرافق بشأنها وأسس تسعيرها. فلم يعد من المقبول أن تستمر مصر هكذا بدون هذه الخريطة. وبالمناسبة قانون الاستثمار الحالي في المادة (5) منه ينص علي التزام الحكومة بإنشاء قاعدة عن معلومات عن الأراضي المتاحة للتصرف ومن حيث مساحتها ومواقعها وأسعارها وشروط التصرف فيها. ورغم صدور هذا التكليف التشريعي منذ 18 عاماً إلي الحكومات المتعاقبة إلا أنه لم ينفذ حتي الآن!!

تفعيل المسئولية القانونية للأشخاص الاعتبارية، فمخالفة شركة لشروط ترخيص أو مخالفات القانون يجب أن تكون الشركة مسئولة عن هذه الجرائم بعقوبات مالية، فلا يتصور توقيع عقوبات علي رئيس مجلس إدارة الشركة بصفته حتي ولو لم يرتكب جريمة بشخصه... نحن الدولة الوحيدة في العالم التي تفعل هذا!!
    العمل علي إلغاء فوضي تعدد الموافقات من خلال تفعيل الشباك الواحد بشكل جدي، فعلي سبيل المثال؛ الحصول علي ترخيص مبني صناعي يستوجب 20 موافقة وإجراء، ويستغرق 180 يوماً، وتبلغ تكلفة الترخيص 2% من قيمة المشروع... ولذلك مصر ترتيبها علي مستوي العالم في هذا المجال رقم (142)، في حين تمثل الإمارات العربية المرتبة الرابعة، والسعودية المرتبة (21).


إلزام الجهات الإدارية والحكومية بقرارات لجان فض المنازعات وتسوية المنازعات خلال إطار زمني محدد.

هناك إجراءات أخري مقترحة عديدة ولكن إعمال هذه التعديلات قبل مارس القادم كخطوة أولي نحو الإصلاح التشريعي الشامل ستكون له انعكاساته الإيجابية علي الاستثمار في مصر.. وحسناً فعلت لجنة الإصلاح التشريعي والحكومة باتخاذ قرار بتعديل قانون الاستثمار الحالي بدلاً من إصدار قانون جديد. فتفعيل القوانين والتشريعات القائمة الجيدة ومنها قانونا الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 وقانون المناطق الاقتصادية الخاصة رقم 83 لسنة 2002 وتطويرها أفضل من الغائهما وإصدار تشريعات جديدة تكرر ما سبق إصداره منذ أكثر من 20 عاماً. اللينك
استمع الي مقالي عبر منصة اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم. اللينك 

0 التعليقات:

إرسال تعليق