الخميس، 6 نوفمبر 2014

قراءة في تقرير البنك الدولي عن الاستثمار في مصر




جريدىة الاخبار - 6/11/2014

جميع دول العالم تتنافس بشراسة علي جذب الاستثمار .. لا فارق بين دولة غنية وأخري فقيرة.. ولا دولة أفريقية ولا عربية

يصدر البنك الدولي منذ اثني عشر عاماً تقريراً سنوياً عن مناخ الاستثمار في كافة دول العالم. ومن بين المؤشرات التي يقاس بها مناخ الاستثمار سرعة وسهولة الإجراءات الخاصة بإنشاء شركة جديدة، وإجراءات تراخيص بناء المشروعات، والحصول علي الكهرباء اللازمة لإقامة المشروع، وإجراءات تسجيل الملكية للمشروع، وتنظيم سوق العمل، والحصول علي تمويل للمشروعات الجديدة وتوسعاتها، ومدي كفاية التشريعات السارية لحماية حقوق الأقلية من المستثمرين في المشروعات المختلفة. كما يتضمن التقرير معايير كفاءة نظم سداد الضرائب من قبل المستثمرين، وإجراءات التجارة الخارجية من وإلي مصر. ويقيس التقرير أيضاً مدي احترام الدولة لتنفيذ العقود، ومدي كفاءة نظم الإفلاس والتخارج من المشروعات المتعثرة.

وتقرير البنك الدولي عن عام 2015، صدر منذ أربعة أيام، يقارن بين 189 دولة في العالم تتنافس علي جذب الاستثمارات، لا فارق بين دولة غنية وفقيرة، ولا دولة أفريقية أو أوروبية، ولا فارق بين دول الخليج وأفقر دولة عربية، فالجميع بلا استثناء يتنافس علي جذب الاستثمار وتنميته من خلال توفير الإطار التشريعي والمؤسسي اللازم. فالمنافسة علي جذب الاستثمار شرسة لأنها تعني النمو والتنمية والتشغيل والاستقرار السياسي والاجتماعي. ولهذا التقرير السنوي أهمية كبيرة في التسويق والترويج للاستثمار في الدول المعنية.
وقد جاء ترتيب مصر في هذا التقرير رقم (112) من بين 189 دولة علي مستوي العالم.

ومستوي الدول العربية عموماً متدن في مناخ الاستثمار بين دول العالم، فباستثناء الإمارات العربية المتحدة (ترتيبها 22 علي مستوي العالم)، فإن المتوسط العام لأداء الدول العربية يحظي بالمرتبة (106)، وهو ما يعني أن ترتيب مصر يأتي في درجة أقل من المتوسط العام للدول العربية مجتمعة!! وإذا قارنّا مصر بتركيا، فإنه يفصلنا عن الأخيرة حوالي (57) دولة في الترتيب العام، إذ تحظي تركيا بالمرتبة (55) في جاذبية مناخ الاستثمار في العالم. وعلي الحكومة أن تضع المعايير الواردة بهذا التقرير نصب أعينها، وأن تعمل علي تحسين مؤشرات أربع خلال الثلاثة أشهر القادمة، فتقرير 2016 يتم الانتهاء من إعداده بحلول النصف الأول من عام 2015. هذه المؤشرات الأربع: أولها»إجراءات تراخيص بناء المشروعات» حيث بلغ ترتيب مصر (142)، وبلغ عدد الإجراءات أكثر من 20 إجراء وبمتوسط زمني قدره (180) يوما. وهو ما يعني إهدار وقت ومال، فلا يعقل أن يستغرق الحصول علي الترخيص كل هذه المدة، ناهيك عن بناء المبني نفسه وتوصيل المرافق له. فعلي الحكومة من خلال خطة واضحة خفض عدد الإجراءات إلي عشرة، والعمل علي خفض متوسط المدة إلي (90) يوماً علي الأكثر، فمتوسط مدة الحصول علي إجراءات تراخيص البناء في دولة كالأردن لا يتجاوز (63) يوماً.
أما المؤشر الثاني فهو يخص «حماية حقوق الأقلية من المساهمين». وأري شخصياً أن التقرير تضمن معلومات قانونية خاطئة عن النظام القانوني المصري أدت إلي وضع مصر في الترتيب (135) علي مستوي العالم. وأدعو الوزير أشرف سالمان إلي تشكيل فريق عمل مصغر لمراجعة هذه الأخطاء وتصويبها ومخاطبة فريق إعداد التقرير بشأنها، فمصر خاصة بالنسبة للشركات المقيدة بالبورصة والشركات ذات الاكتتاب العام قد قطعت شوطاً كبيراً في حماية حقوق أقلية المساهمين، وقواعد الإفصاح. وأري أن هناك فرصة لإضافة مواد جديدة بشأن حوكمة الشركات في قانون الشركات.  وفي ظل التعديلات الضريبية الأخيرة في مصر، فقد انخفض الترتيب العام لمصر إلي رقم (149)!! والمسألة هنا لا تتعلق بأسعار الضرائب، بل بسوء حال «النظام الضريبي» ككل وعدم وضوح السياسات الضريبية، وتردي نظم الفحص الضريبي، ولا يقيس المؤشر هنا ضرائب الشركات بل يتعدي ذلك إلي نظم ضرائب المبيعات وضرائب المرتبات والتأمينات الاجتماعية. هذا الملف صعب ويقتضي الاهتمام من وزير المالية، والتعاون مع نظرائه من وزراء المجموعة الاقتصادية.  وأما الطامة الكبري فتتعلق بـ»إجراءات التقاضي وتنفيذ الأحكام القضائية، وإنفاذ العقود»، فمصر جاء ترتيبها في هذا المجال رقم (152) علي مستوي العالم، في حين تقع تركيا في المرتبة (38). وللأسف فإن إنشاء المحاكم الاقتصادية لم يحل الأزمة فأصاب المحاكم الاقتصادية ما أصاب المحاكم العادية من مرض عضال. وأدعو السيد وزير العدل وأعضاء لجنة الإصلاح التشريعي لإعادة النظر في النظام الإجرائي المتبع أمام المحاكم الاقتصادية، وإلغاء بعض الخطوات المعطلة فيها، خاصة نظام تحضير الدعاوي العقيم.
إذا نجحت الحكومة المصرية خلال الأشهر الثلاث القادمة في اتخاذ خطوات إصلاحية حقيقية تتعلق بالمؤشرات الأربع المذكورة، فلا شك أن مصر ستكون قادرة علي أن تقفز خطوات هامة نحو تحسين مناخ الاستثمار، وتحقيق طفرة اقتصادية يستحقها هذا الشعب. اللينك
استمع الي مقالي عبر اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم اللينك

4 التعليقات:

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف

  3. لقد ضمنت النظام الضريبي وإجراءات التقاضي نفس فقرة حقوق الأقليات كأنهم مؤشر واحد وهو عنوان الفقرة ثم أشرت في الخاتمة عدد أربع مؤشرات وهذا يسبب لبسا لدى القارئ. من ناحية أخرى كنت أتمنى أن تستوفي المؤشرات العشر كما شرحت في برنامج إبراهيم عيسى أمس. شكرا

    ردحذف
  4. التقرير يوضح انالفساد مستشرى فى كل قطاعات الدولة والسبب هو تضارب القوانين التى تسمح لصلصغار والكبار بتغليب مصلحتهم الشخصية على مصلحة الوطن والنقاط واضحة واظن اصلاحها ليس بمعضلة كبيرة ان اصلحنا القوانين مش اصلحنا الموظفين!!!

    ردحذف