الخميس، 18 سبتمبر 2014

رجاء إلي الرئيس

جريدة الاخبار - 18/9/2014


رجائي إلي السيد الرئيس أن يتعامل مع هذه الملفات باعتبارها ملفات حرب، كل منها يمثل مشروعاً قومياً في ذاته فهي الأركان الأساسية لخطط الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي

أشار الرئيس السيسي في الاجتماع الأول لمجلس مستشاريه من علماء مصر إلي إعطاء الأولوية لملفات ثلاث هي التعليم والطاقة والمياه. والإشارة إلي هذه الملفات يعكس إدراك القيادة السياسية إلي أولويات الإصلاح. فبدون تحقيق طفرة في هذه الملفات الثلاث لا أمل في نمو اقتصادي، ولا تنمية اجتماعية. وأضيف إلي هذه الملفات الثلاث ملفاً رابعاً هو الأهم في رأيي وهو ملف الإصلاح المؤسسي للجهاز الحكومي. وهذه الأعمدة الأربعة للإصلاح يجب التعامل معها علي أنها ملفات حرب، وأمن قومي بما تعنيه الكلمة. فتطوير التعليم الأساسي من المرحلة الابتدائية إلي الثانوية هو الخطوة الأولي للنمو والتنمية، فالتعليم هو خط الدفاع الأول لمحاربة الفقر. فـ 97% من الأميين يقبعون تحت خط الفقر. كما أن جودة التعليم هو حائط الصد الأساسي ضد الفكر الإرهابي والتعصب الديني الأعمي وانهيار السلوكيات، وانحدار الثقافة، كما تمثل جودة التعليم الأساسي أيضاً اللبنة الأولي للتأهيل للحصول علي فرصة عمل لائقة. وبدون تعليم أساسي جيد ومتين لا أمل في تطوير التعليم العالي، ولا البحث العلمي، فإذا كانت البذرة (التعليم الأساسي) عطبة فلا شك أن الثمرة (التعليم العالي) ستكون فاسدة.  ولكي ندرك لماذا تدهور حالنا الثقافي ولماذا انتشر الفقر والجهل والتعصب وسوء حالة العمالة علينا أن نعلم أن مصر واحدة من أسوأ ثلاث دول في العالم من بين (143) دولة في مستوي جودة التعليم الأساسي!! وذلك طبقاً لتقرير التنافسية العالمي الصادر الشهر الماضي. علينا أن ننتفض ونعي أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من التعليم ولا أمل في أي تقدم بدون تحقيق طفرة في ملف التعليم وجودته والأمر ليس مستحيل. فدولة مثل فنلندا تحولت من الدولة رقم (60) في جودة التعليم إلي الدولة رقم (1) في أقل من عشر سنوات.

أما ملف الطاقة، فتأتي أهميته من أنه شرط مبدئي وبديهي للتنمية الصناعية والزراعية، فلا يمكن التخطيط لتطوير الصناعة المصرية وتشجيع الاستثمار الصناعي دون أن نعلم قدر الطاقة المتاحة، ولا يمكن التوسع في الرقعة الزراعية دون وجود مصادر طاقة متاحة وواضحة، ولا أمل في الخروج من حيز الـ 6% من مساحة الأراضي المصرية دون توفير الطاقة. فالجميع يعلم أن المصانع المصرية حالياً تعمل بنصف طاقتها الإنتاجية بسبب أزمات الغاز والكهرباء، فغياب استراتيجية واضحة لتوفير الطاقة وتسعيرها هي أهم معوقات الاستثمار والتنمية في مصر وفقاً لتقرير البنك الدولي الصادر في 2012. وملف الطاقة يشمل استراتيجيات التعامل مع اتفاقات التنقيب الحالية، والخطط المستقبلية بشأن الاستثمارات الجديدة وتسوية مستحقات الشركاء الأجانب، والاستثمار في الطاقة البديلة والمتجددة، وكيفية استخدام الفحم والتسعير والتعريفة والتعامل المستقبلي مع دعم المنتجات البترولية، ومشاركة القطاع الخاص في الإنتاج والتشغيل، ورفع قدرة محطات الكهرباء القائمة، والإصلاح المؤسسي لقطاعي الكهرباء والبترول. والأهم من كل ذلك خطط الدولة بشأن الأطلس الجغرافي للمناطق المحددة للطاقة البديلة، والتكنولوجيا الخاصة بها. أين رؤية الدولة المعلنة في هذه الأمور؟ 

وأما الملف الثالث، فهو ملف المياه وهو لا يقل خطورة وأهمية عن ملف الطاقة، فالفجوة الغذائية التي تعاني منها مصر، والفقر الزراعي يحتاج إلي معالجة القصور في ملف المياه بمعناه الواسع، فآن لنا أن نتساءل ما هي خطة الدولة لتطوير منظومة الري، والحد من الفاقد من المياه والذي يصل إلي 30%، ما هي خطة الدولة بشأن استخدامات المياه الجوفية، وما هو المخزون الحقيقي، هل توجد خطط بشأن تحلية مياه البحر واستخدامها في المناطق الساحلية، هل توجد خطط واضحة بشأن الاستثمار في دول حوض النيل ومعالجة المستنقعات، وهي كافية لزيادة حصة المياه بمصر بما يعادل 100% علي الأقل من الحصة المتوافرة حالياً.... هل توجد خطة زراعية للاستخدام الأمثل لموارد المياه..... أسئلة بلا إجابة، وغيابها سيؤدي إلي زيادة الفجوة الزراعية والعجز عن النمو.

أما الملف الرابع، فهو ملف الإصلاح المؤسسي لأجهزة الدولة الحكومية، فمصر تقبع في المرتبة الثالثة عشرة ضمن أسوأ أربعين دولة في العالم من حيث الفساد والضعف المؤسسي لأجهزة الدولة، فبدون ثورة حقيقية لإصلاح الجهاز الحكومي المتهالك لا أمل في النمو والتنمية، رجائي إلي السيد الرئيس أن يتعامل مع هذه الملفات باعتبارها ملفات حرب، كل منها يمثل مشروعاً قومياً في ذاته فهذه الملفات الأربعة هي الأركان الأساسية لخطط الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، فنجاح مصر في هذه الملفات هو اللبنة الأساسية لكل مجالات الإصلاح الأخري، وعليه أرجوه أن تكون هذه الملفات تحت إشرافه المباشر ومسئوليته الكاملة، وأن يكلف الحكومة خلال الستين يوماً القادمة بتقديم رؤيتها الكاملة والواضحة بشأن هذه الملفات، علي أن يبدأ التنفيذ قبل نهاية العام والعمل علي وضع مصر في مرتبة أفضل سبعين دولة في التعليم والقدرة المؤسسية والقضاء علي أزمة الطاقة والمياه الحالية، وذلك قبل نهاية ولاية الرئيس السيسي الأولي..... هذا حلم الرئيس السيسي قادر علي تحويله إلي واقع. اللينك
استمع الي مقالي عبر اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم  اللينك

0 التعليقات:

إرسال تعليق