صدر منذ أسابيع قليلة التقرير السنوي العالمى للتنافسية
(The Global Competitiveness Report)
(The Global Competitiveness Report)
عن المنتدى الاقتصادي العالمي (World
Economic Forum) لعام 2012-2013.
ويعد مؤشر التنافسية العالمي المقياس الدولي الأهم والأكثر استخداماً في
مجال قياس التنافسية على مستوى دول العالم (144) دولة.
ويضع هذا التقرير والذي امتد اصداره على مدى أكثر من ثلاثين عاماً مؤشرات متعددة لقياس مدى نمو وتقدم دول العالم، ومدى نجاح حكوماتها على تحقيق التنمية البشرية والاقتصادية لشعوبها.
ويضع هذا التقرير والذي امتد اصداره على مدى أكثر من ثلاثين عاماً مؤشرات متعددة لقياس مدى نمو وتقدم دول العالم، ومدى نجاح حكوماتها على تحقيق التنمية البشرية والاقتصادية لشعوبها.
وقد جاء التقرير السنوي ليضرب جرس الإنذار الآخير، ويؤكد للأسف على تدهور
مستوى التنمية في مصر، والتي وصل ترتيبها بين دول العالم إلى الترتيب رقم (101)،
فجاء ترتيب مصر تالياً بدرجات كبيرة لدول لم تكن على خريطة العالم منذ أقل من
خمسين عاماً.
جاءت مصر في مرتبة لاحقة وبمسافة كبيرة عن اليمن!! وفيتنام والمغرب ورواندا وكمبوديا وكينيا وزامبيا وغانا ونيجريا!!!
جاءت مصر في مرتبة لاحقة وبمسافة كبيرة عن اليمن!! وفيتنام والمغرب ورواندا وكمبوديا وكينيا وزامبيا وغانا ونيجريا!!!
كنت أتصور أن مثل هذا التقرير، وهو الأهم والأدق على مستوى العالم أن يسبب
إزعاجاً شديداً للسيد رئيس الوزراء ومجلسى وزرائه، وأنه كان من شأنه أن يدعو رئيس
الجمهورية إلى الاجتماع بمجلس الوزراء وبالمجموعة الاقتصادية لمناقشة التقرير،
ووضع خطة حقيقية للنهوض بركائز الإصلاح.
وتقرير التنافسية الدولية يضع اثنى عشر معياراً أساسياً ومعايير تبعية لكل
معيار أساسي لقياس القدرة التنافسية لدول العالم وقدرتها على تحقيق النمو
والازدهار لشعوبها. والمعيار الأول،
هو الإطار المؤسسي في الدولة المعنية، ويعني التنظيم الإداري والقانوني الذي يعمل في إطاره الحكومة
والمواطنون والمستثمرون. ويقيس مستوى الأداء الحكومي والإداري ومدى كفاءة أجهزة
الدولة وقدرتها على تحقيق خطط التنمية، ويقيس هذا المعيار كذلك درجة تفشي الرشاوي
والبيروقراطية والمحسوبية ومدى الالتزام بالقوانين واستقلالية القضاء ودرجات
الإنفاق الحكومي. وللأسف الشديد، جاء ترتيب مصر متدنياً بين دول العالم في هذا
الشأن حيث جاء ترتيبنا الـ (96). وقد بلغ ترتيبنا في إهدار المال العام وإساءة
إدارة الإنفاق الحكومي رقم (113). ولولا أن لدينا قدر من الاستقلال القضائي لقبعنا
في ذيل دول العالم لا محالة! ما الذي تحتاجه حكومتنا المبجلة حتى تتحرك وتستشعر
الخطر! يا سادة، مرة أخرى لا أمل في إصلاح مصر وتحقيق النهضة دون ثورة شاملة في
الجهاز الحكومي والإداري للدولة. لقد بلغت درجة العفونة أقصى درجاتها في أجهزة
الحكم المحلي والمحافظات والوزارات، وللأسف بدأت العفونة تنتشر في الجامعات،
وحذاري من أن يمتد ذلك إلى القضاء.
أما المعيار الثاني، فيقيس كفاءة البنية التحتية للدولة المعنية،
وقدرتها على دفع الاقتصاد وتحقيق الحاجات الأساسية للشعب بما في ذلك مرافق الطرق
والمطارات والسكك الحديدية والكهرباء والاتصالات. وتحتل مصر في هذا الشأن المرتبة
الـ (83) على مستوى العالم، وإن جاءت جودة الطرق وسلامتها في المرتبة الـ (109)
على مستوى العالم، فلا عجب في أن نكون من أبطا مدن العالم مرورياً وأكثرها نزيفاً
لدماء المصريين نتاج حوادث الطرق، ألا يحفز ذلك الحكومة على أن يكون من بين
أولوياتها العمل مع القطاع الخاص على تطوير بنية الطرق في مصر للحفاظ على أرواح
المصريين ووقتهم وتحين مستوى النقل لأغراض التجارة الداخلية، والربط بين المحافظات
والموانئ والمطارات.
أما المعيار الثالث، فيقيس أداء الاقتصاد الكلي للدولة، وعلى وجه
الخصوص عجز الموازنة، وحجم الاحتياطي النقدي الأجنبي، ومعدل التضخم، وحجم الدين
الحكومي، والتصنيف الائتماني. وجاء ترتيب مصر الـ (138) من بين (144) دولة على
مستوى العالم، أي أن مصر يعد أداؤها الاقتصادي ضمن أسوأ (10) اقتصاديات في العالم،
وقد بلغ العجز الحكومي مداه فجاء ترتيب مصر الـــ (142) من بين (144)، نعم لا يوجد
خطأ مطبعي!
اما المعياران الرابع والخامس فيقيسان مستوى التعليم الأساسي والصحة،
والتعليم العالي، وقد جاء ترتيب مصر الـ (94) والـ (109) على التوالي. وقد
تدنت مرتبة مصر فيما يخص جودة التعليم الأساسي إلى المرتبة الـ (137). ويقيس
المعيار السادس كفاءة سوق السلع وقد جاء ترتيب مصر الـ (125) على مستوى
العالم بسبب سوء السياسات الخاصة بمحاربة الاحتكار (الترتيب الـ 133) وسوء
السياسات الضريبية والجمركية (الترتيب الـ 133).
اما المعيار السابع فيقيس جودة وكفاءة سوق العمل، وجاءت مصر ضمن
أسوأ (3) دول في العالم في هذا الخصوص لا يليها إلا الجزائر وفنزويلا. وهو ما يؤثر
على مناخ الاستثمار ومعدلات التشغيل والتوزيع المرن لسوق العمالة حسب احتياجات
القطاعات الاقتصادية.
والمعايير الخمسة المتبقية تتصل بنمو وتطور أسواق المال (الترتيب
102) والجاهزية للتطور التكنولوجي (المرتبة الـ 91) وحجم السوق (المرتبة
29) وهي الميزة النسبية الأساسية الآن التي تتمتع بها مصر وتسمح بالنمو الاقتصادي،
ومعيار الابتكار والتطوير (المرتبة 83)، والتجديد والاختراع
(المرتبة الـ 109).
ويتضح مما سبق مدى خطورة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي تواجهه
مصر، وخاصة مايتعلق بسوق العمل، ومستوى الإقتصاد الكلى، والمؤسسات.
وفي رأيي، فإن أخطر التحديات التي
يجب على الحكومة مواجهتها الآن تتمثل في أمرين الأول: إصلاح مناخ الاقتصاد
الكلي من خلال العمل على الحد من الإنفاق الحكومي، وخفض العجز في الدين الداخلي،
وزيادة حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي، وخفض العجز في الموازنة، والعمل على رفع
درجة ترتيب الائتمان. ويكون ذلك من خلال آليات محددة وجدول زمني محدد، فالحد من
الإنفاق الحكومي وترشيده يستلزم إرادة سياسية قوية وخفض العجز في الدين الداخلي
يستلزم وقف فوضى الدعم. كما أن إصلاح مناخ الاستثمار فوراً، وخفض درجة المخاطر
الائتمانية يستلزم العمل على تحقيق الاستقرار السياسي وإرساء الأمن بقوة وبسرعة.
أما الأمر الثاني، فيخص كفاءة سوق العمل، وهو ما يقتضي العمل مع
ممثلي العمال وأصحاب العمل والحكومة على اتخاذ إجراءات عاجلة وفورية للحد من فوضى
الإضرابات والاعتصامات لمدة عام واحد، وتحسين علاقات أصحاب الأعمال – العمال بشكل
مؤسسي مع الاستمرار في دعم الإطار المؤسسي للمفاوضات الجماعية، والحريات النقابية،
وربط الأجور بالإنتاج، وتحقيق العدالة الإجتماعية.
أما على المستوى المتوسط والبعيد فيما يخص التعليم والإصلاح المؤسسي
والنبية التحتية فالأمر ليس بالصعوبة بمكان، ولكن علينا الآن أن نوقف النزيف ونحدد
الداء والدواء.
أرجو من السيد رئيس مجلس الوزراء أن يضع تقرير التنافسية تحت نظره، وهو
يخطط لاستراتيجية الحكومة، ويضع المعايير السابقة لقياس التنمية تحت نظر أعضاء
حكومته الموقرة، فلو لم يكن هناك إطار وأهداف ومعايير محددة للقياس عليها وبرنامج
زمنى محدد لكل معيار، فلن يتجاوز الأمر مزيد من "المكلمات"
و"الحكاوي" وأحاديث "طق الحنك" التي نحن غنى عنها الآن.
هذه ليست دعوة لليأس، بل العكس دعوة للعمل لتحقيق آمال المصريين، وهو أمر
فى متناول أيادينا.
0 التعليقات:
إرسال تعليق