الخميس، 26 مايو 2016

يا دكتور علي... أيصح هذا؟

جريدة الاخبار - 26/5/2016

أعلنت  الحكومة عن نيتها في طرح ما يعادل نسبة 20% من رأس مال شركات قطاع الأعمال العام في البورصة للتداول الحر. وقد أكدت وزيرة الاستثمار علي خطة الحكومة في هذا الاتجاه في أكثر من مناسبة. وقد صرح محافظ البنك المركزي كذلك عن خطة الدولة في طرح نسبة من رأس مال بعض البنوك العامة مثل بنك القاهرة للبيع في البورصة. وأنا شخصياً أؤيد الحكومة في ذلك، وأرجو من رئيس الوزراء أن يدعم وزيرة الاستثمار في تنفيذ هذا التوجه الحكومي. فطرح حصة من رأس مال شركات قطاع الأعمال في البورصة له مزايا متعددة تصب في صالح الاقتصاد القومي. فمن شأن طرح حصة من شركات قطاع الأعمال في البورصة أن تؤدي إلي رفع كفاءة شركات قطاع الأعمال العام وزيادة درجة الإفصاح وتطوير أداء هذه الشركات. فالقيد بالبورصة يقتضي إصدار قوائم مالية ربع سنوية، ويقتضي نسبة معينة تتوافر من الربح حتي يمكن قيد الشركات فيها، ويستلزم الإفصاح عن أية أحداث جوهرية تؤثر علي نشاط الشركة، ويقتضي تحسين وتوفير معايير للحوكمة... كل هذه المتطلبات من شأنها رفع مستوي الأداء ودرجة الإفصاح داخل هذه الشركات.

أيضاً من شأن قيد شركات قطاع الأعمال بالبورصة وطرح نسبة من رأس مالها للتداول التأكيد من الدولة علي سياسة توسيع ملكية القطاع الخاص. ولكي تكون آلية القيد بالبورصة ذات نفع للشركات ذاتها ولإعادة هيكلتها، فإنني أقترح ألا تقتصر عملية الطرح علي بيع حصة من رأس مال هذه الشركات إلي الجمهور، وإنما يجب أن تكون عملية الطرح كذلك من خلال زيادة رأس مال عدد من هذه الشركات علي أن تكون الزيادة مطروحة للجمهور من القطاع الخاص، فالزيادة في رأس المال تعني ضخ هذه المبالغ داخل هذه الشركات واستثمارها مباشرة في نشاط الشركة المعنية وتوسيع أنشطتها، وهو ما يعني استغلال البورصة في تشجيع الاستثمار المباشر. فهناك العديد من شركات قطاع الأعمال تعاني من القصور في التمويل، ويعد زيادة رءوس أموالها من خلال البورصة وسيلة فاعلة لتوفير التمويل اللازم لها.

وتحضرني الذاكرة أن نجاح الدولة عام 2005 في طرح 20% من أسهم الشركة المصرية للاتصالات بالبورصة كان له مفعول السحر في زيادة معدل الاستثمار المباشر، وتنشيط البورصة المصرية، وأيضاً الحفاظ علي أداء الشركة المصرية للاتصالات وتطوير أدائها. فطرح نسبة من رأس مال شركات قطاع الأعمال العام والبنوك العامة في البورصة سيؤدي حتماً إلي تنشيط البورصة وعودة فعاليتها كأداة للتمويل والاستثمار المباشر في مصر.

ولكن لكي تنجح خطة الدولة في هذا الخصوص فإن هناك عدداً من الشروط الواجب توافرها، فعلي الدولة أن تعلن عن خطة زمنية محددة واضحة المعالم بحيث تبدأ عملية الطرح الأولي خلال الربع الأخير من هذا العام أو الربع الأول من العام القادم علي أكثر تقدير. وعلي الحكومة التنويع في أنشطة الشركات التي سيتم طرحها واختيارها بعناية، ويجب أن تبدأ إعادة الهيكلة قبل عملية الطرح، فهناك شركات يجب دمجها، وهناك إعادة لتوزيع العمالة بين الشركات يجب أن تحدث، ويجب إعادة توزيع الأصول بين الشركات المختلفة، ولابد من إعداد خطط واضحة مسبقة لتطوير أنشطة وإنتاج بعض هذه الشركات، وإعادة تشكيل مجلس إدارتها... كل هذا قبل البدء في الطرح في البورصة إن أردنا أن تكون عملية الطرح ناجحة، ويجب إسناد عملية الطرح لمؤسسات مالية وبيوت خبرة عالية المستوي. وفي رأيي الشخصي يجب ألا تقتصر عملية الطرح علي شركات قطاع الأعمال العام مثل شركات التأمين والأدوية والسياحة والتعدين والنقل البحري والبري، بل تمتد إلي شركات القطاع العام مثل شركات الطيران والبترول والكهرباء.

كلمة أخيرة... إن قانون قطاع الأعمال العام الحالي قد انتهت مدة صلاحيته ولم يعد مؤهلاً ولا صالحاً لكي يكون إطاراً تشريعياً جيداً للشركات في القرن الواحد والعشرين، فآن الأوان لإعادة النظر فيه برمته... هذه نصيحة خالصة لوجه الله للحكومة وهي تعد أجندتها التشريعية للدورة البرلمانية القادمة...

 
يفاجئنا د/ علي عبد العال رئيس مجلس النواب من آن إلي آخر بتصريحات عجيبة غريبة تجعلنا نضرب كفاً علي كف غير مصدقين ما نسمعه. فقد أصدر رئيس مجلس النواب مؤخراً صيحات تهديد ووعيد لأعضاء البرلمان، بأن كل من تسول له نفسه أن ينتقد السياسة النقدية من أعضاء البرلمان في الصحف أو في البرامج التليفزيونية ستتم إحالته إلي لجنة القيم!!... واأسفاه!! واستطرد سيادته أن تصريحات البرلمانيين تضر بالاقتصاد القومي!!... يا الله!! هل هذا الكلام جدي أم أنه نوع من الكوميديا السوداء؟!! هل مجرد اعتراض البنك المركزي أو خطاب منه يستنكر علي أعضاء البرلمان الحديث في السياسة النقدية يجعل رئيس مجلس النواب ينقلب علي أعضاء المجلس ويهددهم علي الملأ وفي الصحف؟!! إن اتهام أعضاء البرلمان بالمساس بالاقتصاد القومي والإضرار به اتهام خطير... فهل هناك محاولة لتكميم أفواه البرلمان بحيث لا يقتصر الأمر علي حرمان الشعب من متابعة أداء البرلمان بل امتد إلي محاولة منع أعضاء البرلمان من الظهور في الإعلام؟ وإذا افترضنا أن هناك من تكلم وأخطأ، ألم يكن من الأولي أن يكون الحديث مع هذا العضو أو الأعضاء في الغرف المغلقة بدلاً من تعميم التهديدات وتوجيهها عبر الصحف، إن في مثل هذا المسلك إضعافا وتهوينا بالبرلمان لا يليق برئيسه، وكان الأولي به أن يدافع عن حرية أعضائه في التعبير عن آرائهم، وليس تقريظهم وتهديدهم في العلن.

وقبل أن تنتهي صدمتنا من هذه التصريحات، فاجأنا رئيس البرلمان برصاصة أخري، فاتهم المراكز البحثية التي تقوم بتدريب أعضاء البرلمان علي قراءة موازنة الدولة وتحليلها وفهمها بأنها تعمل ضد المصلحة العامة وأنها تعمل طبقاً لأجندات أجنبية. ومن هذه المراكز البحثية المتهمة بالعمالة والعمل ضد مصالح الدولة مركز تابع لجريدة الأهرام القومية!! يا للعجب!! أمعقول أن تصدر مثل هذه التصريحات من مسئول في الدولة؟ هل تقديم برامج تدريبية في العلن للبرلمانيين من المتخصصين لإعانتهم علي أداء مسئولياتهم البرلمانية والرقابية يستوجب نعتهم بهذه الصفات وتجريسهم أمام الرأي العام من قبل رئيس البرلمان؟!... ما هذا الذي يجري داخل البرلمان المصري؟ وهل الهدف هو تكميم الأفواه والاغتيال المعنوي لأي عضو برلماني يستهدف البحث عن الحقيقة أو التعبير عن رأي مختلف؟!... إن قيمة البرلمان المصري في تعدد الآراء والتوجهات داخله، وفي قوة الحجة والمعرفة لدي البرلمانيين، لماذا لا يسعي رئيس البرلمان إلي تطوير أداء مركز البحوث والتدريب الخاص بالمجلس؟ لماذا لا يعد هذا المركز برامج جادة للتدريب كتلك التي تعرضها المراكز البحثية الأخري؟ هل يليق نعت مركز للبحوث تابع لجريدة قومية كجريدة الأهرام بأنها تعمل وفق أجندات أجنبية؟ وهل يعقل أن يصدر مثل هذا التصريح علي لسان رئيس البرلمان المصري؟!! يا للهول!!... ليس كل من يختلف مع رئيس البرلمان في الرأي أو يخالفه في التوجه خائن أو عميل أو يستوجب اغتياله معنوياً... مش كده ولا إيه يا دكتور علي؟!

 
طالعت دراسة موجزة صادرة عن وزارة المالية بشأن ضريبة القيمة المضافة المزمع إصدارها، ولاحظت قائمة السلع المعفاة من الخضوع للضريبة، وهي تشمل معظم السلع الغذائية الأساسية. وهذه القائمة تعبر عن أن وزارة المالية - وإن كانت تسعي لتوسيع دائرة الضريبة - إلا أنها تعي تماماً الأثر التضخمي لهذه الضريبة، وتسعي بشكل عام للحد من ارتفاع أسعار السلع الغذائية حال تطبيق هذه الضريبة. رغم التحديات فأنا متفائل ومتعشم خيراً في أداء وزير المالية وفريق عمله المتميز... كان الله في عونهم.

 
ربما لا يعلم الكثيرون أن عمدة لندن الجديد «صديق خان» المسلم ذو الجذور الباكستانية والميول اليسارية، لم يكن جديداً علي العمل العام في بريطانيا، فقد سبق أن كان وزيراً للنقل في حكومة حزب العمال البريطاني عام 2009. وهو أول وزير بريطاني يقسم علي المصحف في قصر باكنجهام، وحينما طلب منه القسم تبين أنه أحضر معه القرآن الكريم ليقسم عليه، وبعد انتهاء القسم أراد عاملو المراسم بقصر باكنجهام إعادة المصحف إليه، فكان رده عام 2009: «احتفظوا به للشخص المسلم القادم»، واحتفظ القصر بالمصحف. لقد فاز «خان» بأصوات 57% من الناخبين لكي يكون أول عمدة مسلم لواحدة من أهم العواصم في العالم - إن لم تكن أهمها علي الإطلاق. لقد أعطت واحدة من أكثر عواصم الغرب تحرراً فكرياً ثقتها في «خان» المسلم لرسم مستقبلها. رغم تعاظم ظاهرة الإسلام فوبيا في العالم الغربي، فإن انتخاب «خان» في 5 مايو الماضي عمدة لندن ممثلاً لحزب العمال البريطاني نقطة مضيئة وومضة أمل في مستقبل أقل عنصرية وأكثر أماناً... يا دكتور/ علي... المسيحيون البيض الإنجليز أحفاد الإمبراطورية البريطانية سكان لندن الليبرالية انتخبوا مسلما من أصول باكستانية عمدة لمدينتهم... فبالله عليك اسمح بحرية الرأي لأعضاء برلمانك، ففي حرية الرأي والاختلاف في الآراء مزايا وفوائد عظيمة... يرحمنا ويرحمك الله... اللينك
استمع الي المقال عبر منصة اقرأ لي.. اللينك

0 التعليقات:

إرسال تعليق